هالة منير بدير تكتب: أدهم وصُهيبة وكرُولُّوس..!!

ثلاثة أسماء لا يجمعهم مكان أو زمان أو مناسبة سوى أني باستدعاء وجوههم إلى مُخيلتي أجدني أذهب إلى اللانهاية من الحزن والتعاطف والتقدير قبل أن أقول لهم كل عام وأنتم بخير ..

-        أدهم .. لم أره في الواقع ولكن بتذكر قصته أعلم معنى أن " يقع القلب في الرِجْلِين " .. طفل في السادسة الابتدائية اُنتزع من عائلته إلى الأبد دون بوادر رجوعه في القريب العاجل ، كان بصحبة أخ له في الخامسة عشر من عمره يسيرون لشراء السحور لأسرتهم ليُفَجاءوا بسيارة " بيجو " تقطع عليهم الطريق لتنتزع الأخ الأصغر من بين يدي أخيه الذي أصيب بطلقات الخرطوش لحظة اختطاف أخيه الأصغر ، علمت بهذه القصة من قريب للعائلة رأى هذا بعينيه وجاء مذعوراً لبيتنا ، وحتى الآن لم يطلب المختطفون فدية ربما فعلوا ذلك انتقاماً من الأب ، موقف دفعني لأن أحبس أولادي في المنزل بعد أن تكررت حالات الخطف في مدينتنا .. كل ما أتخيله موقف الطفل وسط أيدي المجرمين الخاطفين ومدى رعبه وكيف سيمر عليه العيد وهو بعيد عن حضن أمه وأبيه ، قلبي ينعصر حزناً على أمه المسكينة التي ربما أصابها الجنون بفقدها وليدها ، كيف سيَمُر العيد عليها .. كيف سيقول لها الناس كل عام وأنت بخير وهي الآن لا تحيا خيراً .. ؟!

-         

-        صُهيبة .. ليست في عالمي الذي يدور من حولي ، ولكن في عالمنا جميعاً ، شاهدناها على شاشة التلفاز تريد فقط أن تعيش بقولها : ( أنا عايزة اعيش ) .. بصوتها الخافت المليء بالبراءة مع انتظار البعيد أو المستحيل ، وبثقب في قلبها تتعايش معه طالبةً  " الحياة " والحياة فقط ، على غرار نظرائها من الأطفال ، لتتسول بها وبمثيلاتها مستشفيات علاج القلب والأورام متناسين حقوقهم في أقل قدر من الاحترام والمساعدة دون تشهير بهم وبعائلاتهم .. أقول لعزيزتي صُهيبة كل عام وأنت بخير وأتمنى أن أراكِ مشاركة في إعلان وابتسامة الاطمئنان على وجهك البريء في العام القادم ..

-        كرولوس : طفل في السادسة الابتدائية كان يُساعد قريب له في سوبر ماركت ، حمل معي الأكياس التي اشتريت فيها طلبات للبيت ثلاث مرات وأثناء الطريق كنت أتجاذب معه الحديث ، وعند سؤالي له عن اسمه سمعته " بورولوس " فقلت له هل هذا اسم الدلع ؟ فقال لي : ( لا اسمي أنا كورولس ) لم ألحظ الاسم من البداية أنه لمسيحي ، فلم يُسعفني حظي أن يكون لي صداقات من إخوتي المسيحيين ، لأردد أسماءهم أو على الأقل يكون لي العلم بتنوع أسماءهم ، كورولوس  أقل ما يُقال عنه أنه " رجل صغير " كنت إذا وقفت قليلاً لأرتاح أو أُبَدِّل الأكياس الثقيلة بين يدي يقول لي بحماسة : ( هاتي أشيل عَنِّك الأكياس ) ويشدها من يدي ، وأذكره ب ( برص صغير له رأسان ) لم يفارق جوار باب شاليه كنا نستأجره كان يراه في كل مرة يوصلني بالطلبات للباب متعجباً أنه مازال واقفاً ولم يحرك ساكناً طيلة هذه الأيام (:  ..  وبمناسبة ذكرى جميلة مع هذا الطفل المصري الجميل الذي لا يفرق شيئاً عن أطفال مصر كلها ، أحب أوجه له ولأسرته ولأخوتنا المسيحيين كلهم معايدة بعيد سعيد على مصر بمسلميها ومسيحييها ..

أدهم وصهيبة وكورولوس ومحمد ومينا وهدى وجورج وإسراء وبطرس وإسلام .. كل سنة وأنتم بخير وربنا يعيد عليكم الخير والسعادة في ظل حبكم لمصر ..

ملاحظة سعيدة : صرخ أولادي بالأسفل فقفزت ظناً مني خطراً عليهم في الشارع ، فعلمت أن الولد المختطف قد رجع لأهله .. بشرى سارة في العيد ، ( وجه القراء حلو على الولد المخطوف ) .. الآن أستطيع أن أحس سعادة عارمة في قلبي وقد دخل الاطمئنان لقلب أسرة لم تذق معنى الراحة لأسبوع ..

كل عام وأنتم بالخير ..

 

أصل المقال على مدونة هالة منير بدير

تعليقات القراء