أيمن مسعود يكتب: النائب المسيحى والنائبة المرأة وشرع الله!!
النائب المسيحى والنائبة المرأة وشرع الله!!
كلف الله تعالى المسلمين بإقامة شرائعه وتطبيق حدوده فى الأرض.. وأورد هذه الحدود فى سياقات عامة اجتهد الفقهاء فى كل عصر لضبط شروطها وآلياتها وكيفيتها بدءًا من عصر الصحابة الكرام.
ولما ترامت البلاد اتسعت دائرة الفقه وتغيرت من مكان إلى مكان حتى أن اﻹمام الشافعى أمر المصريين بعدم الأخذ مما قاله فى بغداد فهما لاختلاف طبيعة المصريين عن العراقيين!!
هنا يبدو الأمر معقدًا.. هل تشبه مصر تلك الدولة الإسلامية التى أسسها عمرو بن العاص فى القرن الأول الهجرى.. أم تغيرت تركيبة الفاتح الإسلامى الذى جاء بثقافة مغايرة وبدين جديد ينشره وبسيف رفع الظلم عن المصريين من الاضطهاد الرومانى؟
ما الجديد الذى تغير الآن ليصنف المصريين إلى فئات؟
إنها الثورة.. هى الشىء الوحيد الذى جد على المصريين فى السنوات اﻷخيرة.. هى التى أدت إلى إسقاط الدستور.. وتغيير الرئيس.. واستبدال الكثيرين من تربعوا على كراسيهم.. والسعى إلى تغيير النظام بالكامل!!
هذه الثورة التى سببها الله تعالى لتغيير كل هذا قام بها مصريون دون النظر فى نسب أو كوتة!! فقد شاركت فيها المرأة وقت أن كان رجال كثير فى بيوتهم خائفين أو رافضين بدعوى تحريم الخروج على الحاكم.. وشارك فيها مسلمون.. وشارك فيها مسيحيون.. وشارك فيها أمهات وشيوخ وفسقة!!!
شارك فيها شعب شغلته العدالة والمساواة!! هذا مل يحاول البعض أن يحرم هذا الشعب منه بعد كل هذه التضحيات التى دفعها!!
أرفض تعيين نائب مسلم أو مسيحى أو امرأة!! أرفض أن يتفوق علىّ صديقى المسيحى بأن المسلمين فى مصر أكثر من المسيحيين!! وأرفض أن تختاروا امرأة لأنهن مضطهدات!!
اختاروا الأكفأ فى المجالات كلها حتى تصلوا إلى نائب الرئيس! من فى مصر أكفأ فى جراحات القلب من الدكتور مجدى يعقوب؟ ألم يكن لجورج إسحاق ومحمد البرادعى دور عظيم فى النضال الوطنى قبل الثورة؟ أليس لهبة السويدى دور رائع فى علاج مصابى الثورة؟ أليست هبة رؤوف عزت واحدة من أنضج الناس فكرًا فى هذه الفترة؟ ألم يبذل الإخوان جهدًا خارقًا فى العمل الاجتماعى والخيرى قبل الثورة؟
أيها الشيوخ الكرام.. أظهروا من ديننا ما يجمع الناس حوله.. وافهموه فى ضوء الواقع.. واجتهدوا فيه كما اجتهد علماؤنا الأوائل..
لا تخوفوا الناس من الإسلام.. ولا تطبقوا منه ما يلائم هواكم.. لا تحرموا منصب النائب على المسيحى باسم الإسلام وتشركوه فى الجيش باسم المواطنة!!
لا تنادوا باﻷمر بالمعروف والنهى عن المنكر وتنسوا "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"!! لا تحملوا الناس على بغض الدين بحصره فى الحدود والأحكام وتتجاهلوا رحمته وروعته وإنسانيته!!
أيها الناس: إن إلهكم واحد.. وإن أباكم واحد.. كلكم لآدم وآدم من تراب.
أيها الناس: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ريكم كحرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا فى شهركم هذا.. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد!
هكذا هى رسالة الإسلام.. الرسالة الإنسانية التى تصون الدماء والأموال والأعراض كما بينها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى خطبة الوداع.
الدين فى قلب كل مؤمن به.. وفى فمه ييدعو به الناس إلى الله.. اهتموا بهذه القلوب ودربوها على حب الله.. وعلموا الناس ما الإسلام قبل أن تفرضوه عليهم.. فقد نزل التشريع الإسلامى فى ثلاث وعشرين سنة يدرب الله تعالى عباده -وهو أعلم بهم- على طاعته.. ويعرفهم بذاته -سبحانه وتعالى- وهم يتفكرون ويعقلون ويتدارسون...
اختاروا الأصلح ولا تفتشوا عن دينه أو فكره أو جنسه.. إنها مصر التى لم تفرق فى قبض الثمن بين الشيخ عماد عفت ومينا دانيال.. إنها التى أسقطت الفاسدين محمود حمدى زقزوق ويوسف بطرس غالى..
إلى من سيشتمنى بعد قراءة هذه الكلمات أقول: اللهم أنت تعلم أنى لا أخشى إلاك.. ولا أبتغى مرضاة غيرك.. اللهم أنت تعلم أنى لا أشترى الدنيا بالآخرة.. وأنى أفوض أمرى إليك.. إياك أعبد لا أشرك بك شيئًا ولا أقول إلا ما أظنه فيك وأنت عند ظن عبدك بك.
اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه.. وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.