هالة منير بدير تكتب: شِد الحزام على وسطك

 
غالباً وعودهم التي تبدأ بأن ( مصر أم الدنيا وستصبح أد الدنيا ) ، لا تلبث إلا وتتحول  إلى ( ماتقولش إيه اديتنا مصر ، قول هَنِدِّي إيه لمصر ) وتنتهي ب ( شِد الحزام على وِسطك غيره ما يفيدك ) ..
حد فيكم فَكَّر قبل ما يِفطر الصُبح ويحُط اللقمة في بؤه هو قَدِّم إيه لمصر ؟!!
حد فيكم فكَّر مرة يروح الجامعة مَشْي على رجليه علشان يوَفَّر لمصر ؟!!
 
 
قادتنا غالباً عندما يخطبون ويرتجلون لا يُبدعون ( أو بالأصح ييجوا يكحلوها يعموها ) ؟؟ حاول السيسي ( الرئيس المرتقب ) في خطابه الأخير في مؤتمر شباب الأطباء وحديثي التخرج أن ينفي فكرة العصا السحرية ، تلك العصا التي يتخيل نسبة كبيرة من الشعب المصري أنه يحملها في يده ، والتي بمجرد توليه الرئاسة فإنه سيحول بها اليابس إلى الأخضر ، وسيقضي على الإرهاب تماماً ، وسيوفر فرص العمل للشباب ، وستنخفض الأسعار وستزيد المرتبات ، وسيجد الشعب الحياة الآدمية الكريمة من أول رغيف العيش حتى المصيف المناسب على سواحل المحروسة ..
 
( ولأننا لازم نكون أمناء في عرض الكلام ، ونتكلم بجد ، ومش نضحك على بعض / مثل ما قال المشير بالحرف ) ،  فخلاصة الكلام أن على الشعب ربط الحجر على بطنه ومساءلة نفسه قبل الإفطار عما قدم للبلد ، هذا الشعب كان منتظراً حديثاً من نوعٍ آخر ، كان منتظراً أن يسمع عن وجوب محاسبة الفاسدين السابقين ، من مصوا دماء هذا الوطن ، وعن التماسيح التي تسرق المال العام ، وعن أراضي الدولة المنهوبة ، كانوا منتظرين أن يسمعوا أكثر عن تحديد الحد الأقصى والأدنى للأجور ، كانوا منتظرين أن يسمعوا عن عقوبات صارمة في حق من يثبت استغلال منصبه في التربح ، كانوا منتظرين أن يسمعوا عن كيفية التعامل مع المطالب الفئوية وحل مشاكل الاعتصامات ..
 
( بكرة تشوفوا مصر ) دي موضة قديمة ، النغمة الجديدة ( ممكن جيل أو جيلين يتظلموا علشان باقي الأجيال تعيش أو تلاقي حاجة ) .. !! ..
ما طول عمر الأجيال مظلومة !! لو حسبنا من أول جيل الاحتلال الإنجليزي ، لجيل ثورة 52 والنكسة ، إلى جيل الإنفتاح ، إلى أجيال حكم مبارك ، إلى متى سنضحي بأجيال ورا أجيال ؟!! كل هذه الأجيال ضحت وظُلِمَت والجيل الحالي من المفترض أن يجني ثمار هذه التضحيات المتعاقبة ، ولكنه لم يجد شيئاً يرقى تضحيات سابقيه .. !!
التسعة مليون مصري بالخارج ( لو صح هذا الرقم ) عاشوا ودرسوا في جامعات مصر ، ولكنهم ليسوا في حاجة أن يوفروا مرتب شهر ليتبرعوا به للبلد ، لأنهم ببساطة شاركوا في توفير البنزين ولم يشاركوا في زحمة المواصلات ولم يناطحوا المصريين على أرض الوطن في لقمة العيش وفرص العمل وخدمات الصحة والأمن أثناء غربتهم في بلاد الدنيا ، أموالهم تضخ إلى بنوك مصر , ويكفي جداً أنهم ظُلِموا في هجر وطنهم بحثاً عن مصدر رزق كريم مصر لم تقدمه لهم ..
 
( ماحدش بينجح في يوم وليلة ) :
نجح مرسي في انتخابات الرئاسة بعدما باع للشعب السمك في الماء ، وأوهمهم بمشروع النهضة ومهلة المائة يوم التي وعد الناس من خلالها أنهم سيلحظون الفارق في ملفات الصحة والأمن والوقود ورغيف العيش قبل انتهائها ، أعطانا السيسي الآن بدوره نبذة عن برنامجه ، أن مشكلة مصر سيأخذ حلها سنين وسنين ولابد أن نعرف العرض ليسهل التشخيص ، المرض انحصر الآن في أن عدد السكان الهائل في مقابل مليارات لا تكفي ، ليس في ضعف وتضارب السياسات والقصور المزمن  في كل القائمين على تنفيذها ، ربما حاول الرئيس المُحتمل  أن يوصل مفهوم ( أن اليد الواحدة لا تصفق ) وأن على الشعب أن يغير من سلوكيات استهلاكه في الظروف الإقتصادية العصيبة الحالية ، بدليل أنه اعتذر أكثر من مرة خلال وفي نهاية كلمته ( ماتزعلوش مني ) ، ( إوعوا تزعلوا مني ) ، ولكن الأسلوب جاء مفتقراً لخطة شاملة واضحة ومؤقتة  بتوقيت زمني معين ، لم يشرح فيها كيف ستتقشف الحكومة مقابل تقشف الشعب ، لم يُوجه كلمة لفاحشي الثراء وكبار رجال الأعمال ..
 
ملاحظة : ( الكلام إِلِك يا جارة ) بعد هذا الخطاب لا أظن أن أحداً من الأطباء حديثي التخرج سيتبع طريقة زملائهم من الأطباء القدامي في اتخاذ الإضراب وسيلة للضغط على الحكومة لتحقيق مطالبهم المستقبلية ..
 
تعليقات القراء