هل هناك عقوبة على الشروع في الانتحار والتحريض عليه في القانون؟ دولة واحد تعاقب المنتحر بعد وفاته.. والطب النفسي يوضح علاقة الاكتئاب بالإنتحار

أحمد أبوعقيل

تزايدت خلال الفترة الأخيرة ظاهرة الانتحار المفاجئ، تلك الظاهرة التي أثارت الجدل خلال الفترة الأخيرة، حيث إنه غالبًا ما يبررها الناس بانتشار مرض الاكتئاب بين الشباب.
قال فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن الصحة النفسية أولوية إنسانية وإنمائية عالمية، ينبغي أن توضع في أولوية كل الحكومات والبلدان، لأن خطورة هذا المرض تهدد ملايين الأشخاص حول العالم، ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى الحفاظ على الإنسان واستغلاله في الإنتاج والعمل والمشاركة المجتمعية، مؤكدًا فضيلته أهمية الاعتناء بخدمات الصحة النفسية والإنفاق عليها من ميزانيات الصحة، للتخفيف والحد من خطورة هذه الأمراض، مع توعية وتثقيف المجتمع بأهمية إزالة وصمة هذا المرض الذي يهدد المجتمعات.
من جانبه، أكد الدكتور أحمد عكاشة أن المرض النفسي مرض عضوي بمركز المخ، وأن كل الأمراض النفسية ناجمة عن عدم انتظام الدوائر العصبية في المخ، وأن كل العلاجات تتجه في الوقت الراهن إلى تنظيم هذه الخلل العصبي، داعيًا إلى زيادة الوعي لدى الناس وخصوصًا الشباب بأشكال المرض النفسي، ووجود العلاج المناسب حاليًا لكل الأمراض النفسية حتى أن هناك علاجا مخصصا لكل حالة على حدة، مشيرًا إلى أن عدم علاج الأمراض النفسية قد يؤدي إلى تدهور في الشخصية ويحدث نتائج سلبية.
ومن جانبه قال الدكتور إبراهيم مجدي، أخصائي الطب النفسي، إن تبرير ما بعد الانتحار التي يتبعها عدد كبير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ينطلق الأغلبية بعد وقوع حادث مشيرين إلى أن المنتحرلا بد وأن يكون قد عانى من اكتئاب شديد، مؤكدًا أن تلك الظاهرة غير صحية.
وأضاف أنه بشكل عام ليس كل منتحر بالضرورة مريض نفسي، فالاكتئاب الناتج عن التعرض لظروف معينة لا يعد اكتئاب مرضي بل يصنف على أنه اكتئاب تفاعلي يزول بزوال الظروف السلبية التي تعرض لها الشخص ومن المفترض أنه لا يدفع للانتحار، أما الاكتئاب المرضي فغالبًا يصاب به الفرد بشكل مفاجئ وليس على أثر حدث سلبي أو ظروف سيئة يتعرض لها.
وأوضح أن هناك اضطرابات نفسية أخرى غير الاكتئاب قد تدفع الشخص للتهديد بالانتحار أو المحاولات الانتحارية، كالشخص الذي يعاني من الشخصية الحدية أو الهستيرية ولكنه حتى في هذه الحالة قد يسأل قانونيًا في حالة فشله لأنه واعِ.
وطالب الإعلام بعدم إعطاء اهتمام لهذا النوع من الحوادث، وأوصى بضرورة الاهتمام بالأشخاص المحيطين بنها وضرورة الاستماع لبعضنا البعض، والتعامل مع مشاكلهم بشكل إيجابي.
نسبة مرض الاكتئاب في العالم
الاكتئاب والقلق، هما الأكثر انتشارًا في العالم، على مستوى الأمراض النفسية، مردفًا أن نسبة المنتحرين المصابين بهذا الأمر لا تزيد عن 17%

والاكتئاب له أسباب كثيرة، منها البطالة وأسباب اجتماعية مثلًا، وهناك فارق كبير بين الاكتئاب والغضب.
 منظمة الصحة العالمية
أقل البلاد من ناحية الانتحار على مستوى العالم هي بلاد شرق البحر المتوسط، وهي بلدان إسلامية، كما أن معدلات الانتحار تتراوح ما بين 7 و12 حالة من بين 100 ألف إنسان، وفي البلاد العربية والإسلامية فإنها تكون 3 أو 4 بين 100 ألف مواطن، وبالتالي فإن الانتحار ليس ظاهرة، لأنه لا يمثل نسبة، وهي حالات عادية تحدث في كل بلدان العالم".
عقوبة التحريض على الانتحار
يعتبر المحرض لأحد الأشخاص على الانتحار، هو محرض على جريمة قتل، ويعتبر في قانون فاعل أصلي في الجريمة، وله عقاب التحريض على القتل.
وتنص المادة 42 من قانون العقوبات نصت على أنه إذا كان فاعل الجريمة غير معاقب لسبب من الأسباب الإباحة، أو لعدم وجود القصد الجنائي، وجبت معاقبة الشريك بالعقوبة المنصوص عليها قانون.
الشروع في الانتحار وفقا للقانون المصرى
حسب تعريف المشرع في نص المادة 45 من قانون العقوبات فان الشروع بصفة عامة هو " البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا اوقف أو خاب أثره لاسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها "
ومن المتصور في نظرنا أن يحاول شخص الانتحار وقد يبدأ بالفعل في تنفيذ مأربه هذا، ولكنه لا يكون منتحرا حتى ولو تمت الوفاة فعلا.
وعلى هذا فان الإنتحار لا يكون له وجود في حالتين.
إما أن يعدل من قرر الإنتحار عن قراره ، وإما أن يستمر في تنفيذ فعله ولكن الوفاة تحدث نتيجة سبب لا دخل لإرادة الميت فيه ، كما في حالة من يموت إثر أزمة قلبية وبسببها أثناء تحليقه في الهواء وقبل اصطدامه بأي جسم في محاولته للإنتحار بإلقاء نفسه من فوق جبل وذلك كما رأينا في البند السابق.
الشروع في الإنتحار
نصت المادة 45 عقوبات أن البدء في التنفيذ المكون للشروع يجب أن يكون بقصد ارتكاب جناية أو جنحة، ولذلك يتعين لكى يوجد ما يسمى بالشروع في الإنتحار أن ينظر إلي هذا الأخير ، فان كان يجرمه القانون ويجعل الواقعة جناية فانه يمكن القول بوجود ما يسمى بجريمة الشروع في الإنتحار
اما إذا كان الإنتحار يعدو وفقا للقانون جنحة، فان الشروع فيه لا يعتبر جريمة بحسب الأصل ما لم ينص القانون على اعتباره كذلك وفقا لما تقضى به المادة 47 عقوبات
اما إذا كان الإنتحار جريمة تدخل تحت المخالفات فإن الشروع فيه لا يعتبر جريمة بأي حال من الأحوال وفقا للمادة 45 عقوبات
واذا كان الإنتحار في حد ذاته لا يعتبر جريمة قانونية يعاقب عليها القانون فاعلها، إذ أن المنتحر بات في رحاب الله الذي يملك وحده معاقبته وحسابه ، فإذا كان ذلك كذلك وكان الإنتحار لا يعتبر جريمة فإن الشروع فيه من باب أولي لا يكون جريمة
وبالرغم من ذلك فقد كان القانون الفرنسى القديم يسبغ إنزال العقاب بجثة المنتحر فضلا عن مصادرة أمواله وهو أمر آثار حفيظة الفلاسفة، فهو من ناحية يتجرد من الأثر الرادع للجزاء الجنائي لأنه ينزل بجثة لا حراك فيها تعجز تماما عن إدراك ، كما انه من ناحية أخري يصيب أسرته بأفدح الضرر حيث يغتصب منها مورد رزقها ، وقد حمل ذلك مشروع الثورة الفرنسية على إلغائه تماما
وبالرغم من أن الإنتحار لا يمكن أن يجرم وبالتالي لا يجرم الشروع فيه، إلا أن بعض التشريعات قد ذهبت إلي تجريمه والعقاب عليه كالقانون الإيطالي والإنجليزى والسويسري وقوانين بعض الولايات الأمريكية ، والهندي والسوداني.

تعليقات القراء