سقراط يكتب: فلنحارب الإرهاب!

 
يستيقظ المغرمون بالأفلام الخيالية كل صباح وهم يتمنون أن تكون نهاية الوضع المأساوي الذي نعيشه هي نفس نهاية تلك الأفلام التي صارت تشكل وجدانهم..
 
يتمنون أن يخرج ذاك الطيب القوي الذي ينهي أطياف الظلام بضربة منه أو بكلمة يخرس قوى الشر الأسود..
 
لكن عزيزي الطامح، ياليت الأمور تكون هكذا!!
 
الأمر أعمق وأقبح مما يتصور الجميع، الأمر يتعلق بأفكار صارت تحرك جماعات بأكملها، أفكار صارت تفقد حياة الإنسان القدسية، وتجعل لا حرمة للدماء..
 
عندما تصبح الفكرة متطرفة وتجد من يدعمها بالأدلة والبراهين طبقاً بمنطق من يسوقها ويروجها، ستجد من يتبعها، ووقتها لن يمنعها من الانتشار قوة السلاح، لأن الفكرة تصبح ملاصقة للرياح من وقت انطلاقها فتنساب حرة طليقة ولن يوقفها إلا فكرة مدعومة بمنطق أقوى يستطيع أن يجهز عليها في أرض انبثاقها..
 
لا أبرر عنف أحد تجاه أحد، ولن أذهب مذهب هؤلاء الذين يلتمسون الأعذار عندما يتعلق الأمر بأرواح البشر، لكن علينا ـن نقف وقفة مع النفس لنسألها:
 
هل تعامل الدولة تجاه الإرهاب فقط أمني؟!
 
هل الدولة ذاتها تحتاج لمراجعات فكرية؟!
 
هل كل فكرة تنطلق في أجواء مشحونة بفاشية شعبية -تدعم النظام- تصبح إرهابية؟!
 
هل المدافعين عن حقوق الإنسان يمثلون عائقاً أمام الحرب على الإرهاب؟!
 
فلنتناول الأسئلة السابقة أحدهم تلو الآخر:
 
هل تعامل الدولة تجاه الإرهاب فقط أمني؟!
نحتاج إلى تعامل أمني محترف تجاه هؤلاء من يرفعون السلاح ويروعون الناس، نحتاج لقصاص عادل للمجتمع منهم، وذلك يكون من خلال الطرق الشرعية وليس عن طريق الشعب، لأن ذلك سيذهب بنا لإقرار قانون الغاب ووقتها سينجرف الوطن إلى الهاوية،،، وسنفعل كمن وجد جرباً في إصبعه فحرق زراعه كي يتخلص من الجرب!! هذا ما يخص الأفراد حاملي السلاح والمدبرين.
 
نأتي إلى الأفكار، تلك الأفكار المتطرفة التي تجعل معتنقها يفقد قدسية الحياة، ويقتل بدافع التقرب من الله -كما صُور له- لابد أن تحارب هذه الأفكار بالأفكار الصائبة لأنها إن لم تجد فكرة مضادة ستجد معتنقين ومتعاطفين جدد، لابد أن نصل بالوعي العام لمرحلة يصبح الجميع فيها واقفون على أرضية المنطق كي ننطلق نحو تجفيف منابع التطرف الفكري، لابد أن نسلبهم رؤوس أموالهم (الجهل)، هذا هو الشئ الوحيد الذي يرعبهم أكثر من طلقات الرصاص وفوهات المدافع..
 
هل الدولة ذاتها تحتاج لمراجعات فكرية؟!
كثيرا ما نسمع عن مراجعات فكرية لجماعات عدة، ولكن هل الدولة تحتاج إلى مثل هذه المراجعات؟
 
في بلادنا يترفع الفرد عن الاعتراف بالخطأ وكأنه يقتدي بنظام دولته التي تأبي أن تتراجع عن أخطائها، وبالتالي فهي لن تعتذر ولن تعترف!!
 
وهذا يعد خطأ فادحا، فعلى الدولة أن تراجع مواقفها في كل مرة استخدمت القوه المخولة إليها باسم القانون، هل هي بالفعل أحسنت استخدامها أم صارت تمثل ذراعاً لإرهاب الشعب؟
 
عليها أن ترفع أيديها عن مراكز القوى الناعمة وتدعم استقلالها وخاصة تلك التي تشكل الوعي الديني والمعرفي، وعلى المؤسسات الدينية أن تعود إلى محاربة الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق وإلى فضيلة إعمال العقل وأن تنأى بنفسها عن تلك الصراعات الدائرة فى أروقة السلطة كي تظل محتفظة بمصداقية لدى الشعب..
 
أبواق الدولة الإعلامية عليها أن تكف عن الابتذال وعليها أن تصبح صوت الشعب لا الحكومات!
 
لا حرب على إرهاب بدون نبذ التمييز والتكفير وتسييس الدين واقحامه في حروب قذرة!!
 
هل كل فكرة تنطلق في أجواء مشحونة بفاشية شعبية -تدعم النظام- تصبح إرهابية؟!
هنا لابد أن نميز بين الأفكار وعلى الأنظمة الحاكمة أن تكف عن استخدام تلك الفاشية الشعبية التي تدعمها في توجيه سهام العداء إلى كل فكرة لا تعجبها..
 
فذلك سيخلق فجوة بين أصحاب تلك الأفكار والسلطة، وتصبح هنا السلطة هي من تخلق أعدائها، على السلطة أن تتناول كل الأفكار وتطلق العنان لكل القوى البشرية، عليها أن تنطلق بحرية للتعبير السلمي والقانوني عن أفكارها، وبالتالي إلصاق صفة الإرهاب بأية فكرة تنمو في هذا التوقيت لا يصب في مصلحة الوطن بل يخلق أسوارا بين الناس وحكامهم!!
 
هل المدافعين عن حقوق الإنسان يمثلون عائقاً أمام الحرب على الإرهاب؟!!
هذا هو الباطل كل الباطل، ليس كل من يدافعون عن حق الناس في الحياة الكريمة يكونون مدفوعين لأغراض خبيثة، بل هم يعملوا كي يصلوا بالشعوب لمرحلة تمكنهم من الحياة كبشر، ويحدث دوماً خلط متعمد أو غير متعمد بين عملهم وبين الظروف المحيطة، فالإنسان مكرم كما خُلق في أي ظرف ولا يوجد مبرر يمكن من خلاله أن يُذل أو يهان، إذا أخطأ يعاقب بالقانون وبالطرق الشرعية وليس بتفعيل قانون الغاب!!
 
أتوقع أن هذا لا يمثل عائقاً أمام الدولة في حربها علي الإرهاب، ولا يمكن قبول فشل الدولة تحت أي مبرر.
 
في النهاية سأقص عليكم قصة قصيرة عن رجل هز عرش التطرف في مصر، رجل كانت كلماته كالسهام تصيب أهدافها ولا تخطئ، فرج فودة كان منطقه يرعبهم، لأنه كان يجعلهم كالعراة أمام الناس، يسلبهم رأس مالهم (الجهل) الذي يسيطرون به على العقول الخاوية، ظنوا أنهم انتصروا عليه يوم أن قتلوا جسده الفاني ولم يدركوا أن أفكاره ظلت تطاردهم في كل أرض يطئونها،،، فرج فودة، رجل حارب التطرف والإرهاب بقلمه وعقله..
 
الحق أقول لكم، أنه أقوى من دولتكم وأكثر قدرة علي محاربة الإرهاب حتى وهو في مثواه الأخير..
 
فلتتعلموا من قصته وتراجعوا أنفسكم، فليس لدينا المزيد ولغة الرصاص والنيران لن تجدي وحدها،، أدركوا أن الوقت ضيق والوطن لن يقبل الأعذار.
تعليقات القراء