سقراط يكتب: ماكينة الأكاذيب وطموحات الشعب!!

 

في الحقبة الناصرية -بالرغم من إنجازاتها- إلا أن من كانوا يصنعون الوعي العام كانوا يمثلون ماكينة لصنع الأكاذيب لخدمة النظام الحاكم، حتي وصل الكذب مداه فيما يخص تغطية حرب ١٩٦٧، حتى وصلت الأمور لصراخ أحدهم في الراديو معلناً "نحن على أعتاب تل أبيب" على الرغم من أن طياراتنا ضُربت من قبل أن تتحرك!!
 
لك أن تتخيل أن الكذب كان يشكل طموح الشعب، حتى أنهم في أوقات الحروب والدمار لم يتخلوا عن أكاذيبهم بل كان يزيدونها حبكة أكثر من الحبكة الدرامية!!
 
مرت الأعوام وأتت الحقبة المباركية، نظام كان يتحدث عن إنجازات لم يفعل منها إلا القليل وظل في العقد الأخير من عمره، كل أحاديثه مجرد أكاذيب، يتحدث عن محدود الدخل ورجال حزبه يفتكون بهذا الدخل!!
 
يتحدث عن منظومة صحية تتحسن والمستشفيات كانت تخلو من القطن والشاش!!
 
يتحدثون عن ديمقراطية ونظامهم الأمني كان يتخذ من الـ”قفا" خير شاهد على ذلك!!
 
الأكاذيب وصلت إلى المدى وقامت ثورة يناير لتضع حداً لأكاذيب استمرت طيلة ٦٠ عاما، لتضع حد لتحالفات الأنظمة المتعاقبة مع تيارات اليمين المتطرف!
 
جميعنا فرحنا يومها وظننا أن الحال سيتغير ومعدلات الكذب لن تتوقف بل ربما ستقل، لكن ماحدث هو أن أحداثا من المفترض أن لا تكون هي لب الثورة بل فرعيات، صارت هي الأساس وتحولت الثورة لمجرد اسم يتم المتاجرة به في لعبة سياسية قذرة بين الإخوان ورجال المجلس العسكري!!
 
حتى وصل الإخوان إلى السلطة، وكانت هذه انتكاسة للجميع، لانهم لم يكونوا فقط يكذبون مثل سابقيهم بل يبررون الكذب باسم الثورة وحق الشهداء!!
 
وانتهى عصر الإخوان بسبب إجرام وغباء منقطع النظير، بل مع انتهائه بسبب غبائهم وعدم استماعهم إلا لصوت أطماعهم، انتهت معهم آخر فرصة للدخول في عصر ديمقراطي حقيقي، وكل هذا بسبب أحلامهم وتفضيلهم لحلم جماعتهم عن حلم الثورة والوطن!!
 
فيما سبق مررت مرور الكرام على عصور الجمهورية المصرية منذ الخمسينات، ستجد أن الجميع لم يعتادوا فقط الكذب، بل امتهنوه وصار هو الأساس ومن دونه استثناء!!
 
أضف على ذلك أن جميعهم يبدأون عصورهم بجملة "لم نكن طامعين في السلطة،، لم نسعْ لها قط!!" ولكن سبحان المولى تجد أن جميعهم متي يصلون السلطة يصبحون كالأسد الجائر الذي يفتك بفريسته متى يجدها!!
 
ومن هنا تبدأ الكذبة لتتضخم وتصبح مناخ عام يشكل وجدان كل شئ في الدولة!!
 
إن ذكري للسابق، قد ينعش ذاكرة البعض ليجعلهم يستحضروا لحظات انكسار الماضي جراء الأكاذيب، وكيف تحطمت طموحاتهم علي صخرة الكذب!!
 
نحن مقبلون على مرحلة أول أكذوبة فيها هي إرثاء قواعد الديمقراطية، كيف يكون هذا وسط هجمات متلاحقة لكل من يعارض، وسط قانون يمنع إقامة أي مؤتمر إلا بأمر النظام!!
 
وسط سجون تجمع بين من أجرم ومن فقط تظاهر مطالباً بحياة أفضل!!
 
حتى الدستور الذي تمت الموافقه عليه تم اختراقه بقانون تنظيم انتخابات الرئاسة!!
 
وصل الأمر لبيع الهواء في زجاجات، مثل اختراع علاج فيروس سي الذي شكك فيه كثير من الناس منهم مستشار الرئيس العلمي وفي صفقة أخيرة لوزارة الصحة توصلوا لاتفاق لشراء علاج أمريكي جديد لعلاج نفس الفيروس، فكيف نمتلك علاجا جديدا وكيف نشتري غيره من أمريكا؟؟! ولا عندنا عقدة الخواجة!!!""
 
هنا لا أُكَذب أحد، بل أدعو صاحب الاختراع لتقديم تصاريح استخدام العلاج دولياً ووقتها سأتقدم باعتذاري واعترافي الكامل بانجازه العظيم!!
 
كثير من الأمور والخبطات الإعلامية التي لا تتعدى كونها أساطير من قصص الرجل المستحيل!!
 
مكانها الخيال ولا تعرف للواقع سبيل!!
 
رجال يصبحون خدام الوطن ويضحون في سبيله وعملاء وخونة في ليلة وضحاها!!
 
صار الجميع يوجه بُصلته بحيث يصبح في صف الأقوى والأقدر على خدمته ومساندته يوم أن يحتاج إليه!!
 
إعلام صار يقلب الحقائق، ويجعل من الكذب وقائع، حتى أن الفرد منا بات يخاف أن يستيقظ يوماً ليجد ثوابت تربي عليها اختلت وصارت منقلبة على بعضها البعض!!
 
الخوف الأكبر على الأجيال القادمة التي ستقرأ تاريخ أصبح أحد مغانم المنتصر في زمننا هذا!!
 
في الماضي كان رجال الثقافة أعوان النظام يشكلون الوعي، أما الآن فأصبح أصحاب الحسابات البنكية ذات الست أصفار فما أكثر هم المتحكمون في صناعة الوعي، يمزجون بين الأكاذيب والخرافات ويضخون سموم أفكارهم في شعب صار يتمسك بأي شئ يبعث الأمل حتى لو كان باطلاً!!
 
لكن أعزائي، الأكاذيب لن تشبع الجوعان، لن تستر العريان ولن يطول تصديقها ووقتها سيخسر الجميع، من يبحرون في بحر الأكاذيب أو من يقفون على الشاطئ!!
 
لذلك، من يقول الصدق اليوم حتى لو كان منبوذاً فهو الأكثر حرصاً على الوطن، لأن الأوطان التي تُبنى على الأكاذيب كالبيوت التي تشيد على الرمل، كلاهما يتلاشى مع أضعف موجة تضرب الشاطئ!!
 
تعليقات القراء