دعاء سليط تكتب: مصر بين «رأس المال» و«رأس العجل»
2014-03-08 11:59
النشرة التوضيحية لقراءة المقال: أولا ممنوع لمرضي القلب وضغط الدم والسكر وأصحاب الفكر الثوري والمثقفين، ثانيا: للحصول على الفائدة الكاملة منه برجاء قراءته وإنت قاعد في مسمط بتاكل طبق سمين مشكل وتسيب رقم تليفونك في ورقة جنب الطبق إحتياطي.
(عندنا في الكباريه المنولوجيست متقدرش ترقص والرقاصة متقدرش تقول منولوجات... إنتي مروحتيش كباريهات قبل كده؟ حاكم الزبون لما يتضايق من المحل بيخلع)....
إبتكرت الرائعة شويكار الحل السحري لمشاكلنا في مصر ومحدش انتبه أبدا، سنين طويلة تعدي على طموحاتنا، ولا جديد في الحياة، الفن دائماً مرآة تعكس حياة الشعوب، آه والله متستغربوش، دي حكمة بليغة أوجزتها شويكار في حوار مع القديرة أمينة رزق في مسرحية "إنها حقا عائلة محترمة"، والجملة مأثرة فيا، أوقات أحاول أستفيد منها، وأوقات تانية تهرب مني وأعمل عكس الفكرة، المهم إني قدرت أفهم المحتوي، عارفين هي بتتكلم عن إيه؟ عن معجزة كبيرة جدا اسمها "التخصص".
تعددت تنقلاتي في مجالات العمل، ومع كل مرحلة كنت أتطور خطوة، وأكسب خبرة جديدة، معوقات كتير لكن بفوائد أكتر، مجالات العمل وتنقلاتي أتاحت لي الوقوف على باب الوزير والغفير، ومجاورة رأس المال، وأحيانا تطويره وخدمته، على رأي مثل بيقول من جاور السعيد يسعد، بس حتي الآن السعيد سعيد، وأنا لسه على باب الله، المهم يا عزيزي إن خريطة رؤوس الأموال في مصر في العشر سنوات الأخيرة حدث بها ما حدث من تغيير جيولوجي، أثر بشكل كبير علي الإقتصاد، تسألني ليه؟ أجاوبك، تدفقت رؤوس أموال عربية بشكل كبير لمصر من فتره طويلة، بالتوازي خرجت رؤوس أموال مصرية كتير للاستثمار الخارجي هربا سواء من قوانين، أو بحثا عن أرض خصبة لمناخ العمل الاحترافي المنظم، بالمثل خرجت رؤوس أموال أجنبية كانت موجودة وعلى خطى ثابتة، خرجت ربما لنفس السبب، التلاث فروع من المستثمرين مصري عربي أجنبي يجمعهم عنصر واحد "المكسب".
في التسعينات في عمارة مجاورة، بواب فكر يزود رزقه، اشترى الفراخ وزوجته تدبحها وتنضفها وتبيعها للسكان، ربنا أكرمه فاشترى ماكينة، في زيارة لنفس المنطقة من 6شهور، الرجل نفسه اشترى العمارة اللي اشتغل فيها، وعمارة أخرى، ويهم ببناء جديد، فقير مدقع تحول من بواب لمالك أبراج، الله يسهله تتخصص في مجاله، السؤال هنا، ماذا لو فكر الشخص نفسة يفتح شركة سياحة ويديرها؟ أو مصنع نسيج، أو لا قدر الله لا قدر الله يبني بنسيون، تفرط منه يبقي فندق، ماذا لو فكر نفس الشخص إنه يتاجر في العجول، أو يفتح معمل تحاليل، أو مثلا مثلا، الله لايقدر في الأدوية الطبية، يملك إيه من العلم يجعله يقرر يبقى رجل أعمال يقتحم سوق مختلف؟ بنظرة أكثر اتساعا ستجد الآتي في بلدنا، عطار فتح مصنع أدوية، فلاح باع الأرض واشترى سوبر ماركت، منجد قرر يشتغل مذيع، محاسب بيشتغل عامل مصعد، ومهندس بيشتغل سواق تاكسي، ودكتور بيتاجر بالمرض، وعيل سايق توكتوك "العبث".
أسطول فضائيات، شراكات في صحف ومجلات، مشروعات صناعية، أراضي، معارض سيارات، ربك لما يريد الرزق من وسع، سيرة ذاتية مشتركة لرؤوس أموال كتير على الساحة، مش مهم الخبرة المهم بتعرف تدورها إزاي، وبتكسب قد إيه، ومش مهم تجيب موظف فاهم بس راتبه كبير "حقه"، هات اللي يعرف الحد الأدنى وعاوز فلوس هايشتغل، ومش مهم الكفاءة، ولا الضمير، المهم إنه يدور في الساقية، ويرضى بقليله، وميسألش كتير، طموحاته رأس المال هو اللي يحددها، ومش مهم الكواليتي، الجودة لامؤاخذة، أي حاجة تطّلع أي منتج، وصلي علي اللي يشفع فيك، والرزق يحب الخفية، احنا بنستورد من الصين براغيت الست بلا فخر، وأي حاجة ع العربية بربع جنية، تسألني عن الأسلوب العلمي؟ أقولك معطلكش ،العلم لايكيل بالبتنجان، تسألني عن استراتيجية عمل السوق؟ أقولك كلمني عن الكفتة، تسأل المواطن إنت فين؟ يقولك مأنتخ، تقولي اللي فات ده إيه؟ أقولك اسمه "طابونة".
سيدي الفاضل أي مسئول في البلد، أنظر حولك، أخي المواطن انتبه أنا بكلمك، مستثمرين أجانب كتير عملوا بمقولة الست شويكار وخلعوا، بعضهم أخد اسمه معاه وخاف على سمعته من سوء الإدارة، وفاضلك المحلي، أصبح المكسب هو الأهم، الكل بيتعامل مع الاستثمار بمنطق إدارة كشك سجاير، والحل؟ ياحكومة إدي العيش لخبازه، وفعلي قوانين تنظيمية للاستثمار، يا مواطن الخبرة لأهلها، كل شئ في محله، الشباب تاخد خبرة، وكل واحد يستفيد بسنين التعليم اللي ضاعت، ومحدش يطبل بفلوسه، ونتّجه لاستثمار مدروس، رأس المال الغير مسئول المتطوع للخدمات الفوقية مجرد لحمة راس مليانة دهون، قطع سمين في طبق، جنبها جوهرة لا بتشوف ولا ترمش، ولسان مطبوخ ومتشوح، يصيب الجميع بداء الكوليسترول والعجز، وتسألني دي دولة ولا مصلحة؟ أقولك دة اسمه "مسمط".
للتواصل مع الكاتبة عبر تويتر
تعليقات القراء