عودة العلاقات بين مصر وتركيا

الموجز

اتفق الرئيسان المصري عبدالفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، على البدء الفوري في رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حسب بيان للرئاسة المصرية.

وأفاد البيان أن الرئيس المصري أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره التركي، وهنأه على إعادة انتخابه رئيسًا لتركيا لفترة رئاسية جديدة "ومن جانبه أعرب الرئيس التركي عن التقدير لهذه اللفتة الطيبة من السيد الرئيس".

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن الرئيسين أكدا "عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي، واتفقا على تدعيم أواصر العلاقات والتعاون بين الجانبين، وفي ذلك الإطار قرر الرئيسان البدء الفوري في ترفيع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وتبادل السفراء".

توطيد العلاقات التركية المصرية

ومن جانبها، قالت الرئاسة التركية، في بيان على تويتر، إن الاتصال بين أردوغان والسيسي "تناول عددا من المسائل لا سيما الخطوات التي يجب اتخاذها من أجل توطيد العلاقات التركية المصرية والقضايا الإقليمية، واتفق الزعيمان على تبادل السفراء في البلدين".

وعقد السيسي ونظيره التركي مباحثات في نوفمبر الماضي، على هامش افتتاح بطولة كأس العالم في قطر، بدعم من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد.

كان اللقاء هو الأول من نوعه منذ توتر العلاقات بين البلدين في عام 2013، على خلفية التغيرات السياسية في مصر. إلى جانب ما تلى ذلك من خلافات بشأن قضايا إقليمية، لا سيما الأزمة في ليبيا والتنقيب عن الطاقة في منطقة شرق البحر المتوسط.

قمة مشتركة بين الرئيسين

وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، في أنقرة في أبريل ، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري: "اتفقنا على إطار زمني محدد بشأن الارتقاء بمستوى العلاقات الدبلوماسية والتحضير لقمة على مستوى رئيسي البلدين".

آنذاك، قال شكري إن قمة مشتركة بين الرئيسين المصري والتركي يجري التحضير لها.

لم تمض ساعات على الإعلان عن فوز الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بولاية جديدة حتى أعلنت أنقرة والقاهرة عن عودة السفراء بين البلدين بعد قطيعة استمرت عشرة أعوام.

وخلال محادثة هاتفية مع الرئيس بوتين، أكد أردوغان أيضا التزامه بمواصلة العمل في إطار تعزيز العلاقات الروسية التركية، معربا عن ترحيبه بمواصلة الاتصالات الشخصية بينه وبين الرئيس بوتين.

كان الرئيس التركي تعهد في خطاب النصر بالمضي في تنفيذ مشروع "مركز الغاز" الذي اقترحه الرئيس الروسي، مشيرا إلى أنه يعزز مكانة تركيا بشكل أكبر ويمثل العمود الفقري للتعاون الروسي التركي في مجال الطاقة.

وفي حديثه لـ"سبوتنيك" قال أستاذ العلوم السياسية، طارق فهمي، "نحن أمام مرحلة مهمة في العلاقات المصرية التركية، وقد تنعكس مسألة تسمية السفراء واستئناف العلاقات رسميا على مسار العلاقات الثنائية، وعلى قضايا الإقليم بشكل عام، وهناك إرادة سياسية تتشكل بين القاهرة وأنقرة عنوانها الرئيسي المصالح المشتركة، والفوائد المتبادلة، التي ستعود على الأطراف من استئناف العلاقات".

وأشار إلى أن "معادلات كبيرة تتشكل الآن في الإقليم تحتاج إلى مقاربات مصلحية وعلاقات جيدة، وقد بدأت بالسعودية وإيران ثم مصر تركيا، وسيكون هناك خلال المدى المنظور تطور في العلاقات المصرية الإيرانية، والرسالة هنا أننا أمام تحولات كبيرة ترسمها الدول الكبرى في الإقليم مثل تركيا ومصر والسعودية وإيران، إلا أن حالة عدم الاستقرار في الإقليم والسيولة السياسية ستستمر لبعض الوقت لحين تشكيل هذه المعادلات تحولات حقيقية وعميقة ومباشرة على مجمل القضايا الإقليمية".

وأكد الخبير أن "حلحة المشاكل الإقليمية ستحتاج إلى تفاهمات، فعلي سبيل المثال يحتاج الملف الليبي إلى تنسيق بين القاهرة وأنقرة، وستتشكل المعادلات الكبرى في الإقليم وفق هذه المقاربة الجديدة".

ولفت إلى أن "الجانب التركي يقدم نموذج السياسية الواقعية القائمة على فكرة حلحلة المشاكل الجزئية، والانتقال منها إلى الكليات، وهو ما سينعكس على مسار العلاقات العربية والإقليمية خاصة في مناطق الصراعات مثل شرق المتوسط" مؤكدا أن "تركيا لديها مصالحها، وربما سيترجم تطوير العلاقات مع مصر بدخولها في منتدي المتوسط رغم الإشكاليات التي تعترض هذا المسار، لكن في النهاية من سيحكم الأمر هي المصالح الاقتصادية والسياسية".

وأوضح خبير الشؤون الروسية، فائز حوالة، أن "فوز أردوغان يعزز وجود العالم الجديد، وهو قارئ جيد للمستقبل وللتحولات الجيوسياسية التي تعصف بالعالم في هذا الوقت، وتحاول الولايات المتحدة والدول الغربية حاليا ممارسة ضغوط على السياسة التركية نظرا لاهميتها الجيوسياسية في العالم الجديد".

وأشار إلى أن تركيا تواجه "تحديات اقتصادية وستعتمد في مواجهتها على زيادة الاستثمارات التي تقدمها روسيا والخليج، ولهذا رأينا اتجاه أردوغان لتحسين علاقاته مع الخليج، كما أن الضغوط الغربية نابعة من أن تركيا لم تلتزم بالعقوبات الغربية ضد روسيا، والأهم أن أردوغان يقرأ قراءة جيدة لمستقبل البحر الأسود، المنطقة المهمة في العالم الجديد، والتي ستكون الممر الرئيسي لنقل الخيرات الروسية عبر تركيا إلى العالم، وأهم من هذا ستكون مركز توزيع النفط والغاز عبر تركيا".

وأكد المحلل السياسي طه عودة أوغلو، أن "العلاقات الروسية التركية ستشهد تطورا بعد فوز أردوغان والدعم الذي لاقاه من روسيا، وستنتهج تركيا سياسية متوازنة مع الغرب حيث لا ترغب حاليا في القيام بأمور تعكر أجواء العلاقات التركية الغربية، خاصة في ظل الوضع الحالي الذي يحتم عليا الاهتمام بالاقتصاد".

وأضاف أن الغرب أيضا سيضطر للتعامل مع أنقرة وثوابت سياستها الخارجية التي لن تتخلي عنها، وأيضا قد تتغير الإدارة الأمريكية خلال الانتخابات المقبلة، وستستخدم أنقرة ضبط النفس حتى تتفرغ للشأن الداخلي، وهي تنتهج سياسية متعددة الأبعاد تقوم على أساس الحوار والتعاون، وستحاول الحفاظ على سياسة التوازن التي بدأتها قبل فترة".

تعليقات القراء