رئيس المخابرات العامة : 30 قضية تجسس بين حربي 1967 و1973

الموجز

بمناسبة ذكرى السادس من أكتوبر ننشر حوار رئيس المخابرات المصرية في ذلك الوقت مع صحيفة الأهرام

نص الحوار:

ماذا قدمت المخابرات العامة قبل حرب أكتوبر.. وأين كانت تركز عيونها خلال الحرب؟

كلمة المخابرات "دائما محفوفة بالغموض والرهبة".. ولكن المخابرات العامة هي أحد أجهزة الأمن العديدة، ومسئولياتها خاصة جدا ومختلفة تماما، إنها إحدى الجهات التي تخوض مع العدو حربا مستمرة ولكنها صامتة، ولذلك فمديرو المخابرات دائما صامتون لا يتحدثون إلا نادرا، ولكن الوزير أحمد عبد السلام توفيق، رئيس هيئة المخابرات العامة وافق أن يتحدث إلى "الأهرام بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر، وإن كان قد رفض أن يقول عن دور جهازه في الحرب – كالعادة- إلا القليل.

وقد أجاب عن دور المخابرات في حرب أكتوبر قائلا: (بالفعل هذا سؤال يطرحه الكثير من المواطنين.. ومن حقهم أن يعلموا ماذا قدمت المخابرات العامة للمعركة.. واضعين في الاعتبار قيود الأمن والسرية التي تفرضها طبيعة أعمال الجهاز وأهدافه، ولقد خاض جهازنا مع قواتنا المسلحة في أكتوبر معارك أخرى معقدة وضارية.. تدور في صمت وقسوة بين المخابرات المصرية ومخابرات العدو في ميادين ومجالات متعددة انعدمت فيها حدود الزمان والمكان وشملت مسارحها الكثير من بلدان العالم.)

وأوضح دور الجهاز في مجال المعلومات، فقال:"إنها معركة لها وجهان، الأول الحصول على معلومات عن العدو، والثاني واجب تأمين أسرارنا من التسرب، ويتطلب الأول اختراق بعض أهداف العدو ثم تحليل المعلومات التي تصلهم منها وتقديمها في الوقت المناسب للجهات المسئولة.

وأكمل قائلا:"وبذلك دخلت قواتنا المسلحة معارك أكتوبر المجيدة وأمام قادتها معلومات صحيحة ودقيقة، تناولت حجم القوات الإسرائيلية وأوضاعها الإستراتيجية على الجبهات العربية. ولم تقتصر معلوماتنا على ذلك فقط بل تناولت أيضا كافة الأهداف الحيوية الصناعية والعسكرية في إسرائيل).

وعن المعلومات فترة القتال أكمل قائلا:(أثناء المعركة قام الجهاز بمهمة الإنذار المبكر السريع بوسائله الفنية ورجالة المنتشرين في الخارج وبتخطيط مسبق تابع أولا بأول نشاط وتحركات الأسطول السادس الأمريكي وعمليات الإمداد العاجلة بالأسلحة إلى إسرائيل ونشاط قواعد حلف الأطلنطي في شرق البحر الأبيض المتوسط، وكذا محاولات إسرائيل البحرية للتسلل تجاه شواطئنا الشمالية لضرب أهدافنا الحيوية؛ فقد كان لذلك فضل كبير في حرمان إسرائيل من تشتت جهود قواتنا المسلحة وإثارة البلبلة في نواياها العسكرية خلال المعركة).

وشرح كيفية حماية معلوماتنا، فقال:(كان هناك واجب تأمين المعلومات وحماية أسرار الدولة من التسرب إلى العدو من اجل ضمان تحقيق المفاجأة الإستراتيجية في المعركة فقد تحرك جهاز المخابرات العامة في اتجاهين متوازيين في وقت واحد الاتجاه الأول وهو العمل الوقائي، ولقد شاركتنا فيه أجهزة الإعلام المختلفة في نشر وعى الأمن بين المواطنين وبخاصة العاملين في الجهات الحساسة؛ للتعود على الحرص والكتمان، كما شاركنا فيه رجال مكاتب الأمن في الوزارات والمؤسسات والشركات للالتزام بقواعد أمن المعلومات والوثائق والأفراد والمنشآت، ولقد قاموا بواجبهم خير قيام، وإما الاتجاه الثاني فقد كان عمليات مقاومة التجسس وحرمانها من اختراق أهدافها في الداخل).

(وفي هذا الميدان قامت معارك دهاء ضاربة بين رجال مقاومة التجسس وعملاء العدو وبعون الله وإرادة رجالنا تمكن جهاز المخابرات العامة من كشف أكثر من ثلاثين قضية تجسس منذ يونيو 1967 لم تواجهنا فيها المخابرات الإسرائيلية فحسب بل مخابرات دول أخرى مختلفة).

( ولقد كان لهذه العمليات الفضل في شل نشاط عملاء المخابرات الإسرائيلية في مصر قبل عمليات أكتوبر وخلال فنره التحرك الايجابي للإعداد للعمل العسكري، وسوف يقوم الجهاز تباعا بنشر هذه القضايا على المواطنين وفي الحدود التي تسمح لنا بها قيود الأمن إذ مازالت معركتنا مع عملاء إسرائيل مستمرة ولن تنتهي. ولكن يمكن أن أورد على سبيل المثال وليس الحصر نجاح المخابرات المصرية في تطويق محاولات المخابرات الإسرائيلية من أجل الاقتراب المباشر من أحد الضباط العاملين في القوات المسلحة من خلال تجنيد فتاة مصرية كانت تدرس بالخارج الأمر الذي حرم المخابرات الإسرائيلية من مصدر خيوط للمعلومات العسكرة كان من الممكن أن يكون لها تأثير ضار على عمليات العبور.. وأيضا تمكنت المخابرات العامة المصرية من إحباط عملية تسريب معلومات سياسية وعسكرية على جانب كبير من الأهمية عن طريق أحد عملاء المخابرات الإسرائيلية من المواطنين العرب، والذي كان يشغل منصبا هاما في أحد أفرع المنظمات الدولية في القاهرة).

أما عن دور الجهاز في الحرب النفسية، فأوضح مفهوم الحرب النفسية وما تقوم به مخابرات العدو منذ 1967، وشرح الدور الذي تقوم به المخابرات المصرية، فقال: "وفي مجال الحرب النفسية ضد إسرائيل.. تحركت المخابرات العامة المصرية لتدرس حقها المشروع في استخدام هذا السلاح بأسلوب آخر اختلف تماما عن أسلوب المخابرات الإسرائيلية، حيث كانت مخابراتنا بفضل معلوماتها الدقيقة عن حقيقة المجتمع الإسرائيلي وما يدور فيه تخاطب العقل اليهودي الواعي في داخل إسرائيل وفي خارجها تبصره بما خفي عليه من حقائق وبما يعيش فيه من خداع من أجل قضايا خاسرة يراق فيها دم اليهود جيلا بعد جيل بعد أن كانوا مواطنين أعزاء في بلادهم في شتى أنحاء العالم.. وبالفعل فإن هناك كثيرا من الأصوات اليهودية قد ارتفعت في الآونة الأخيرة تعارض وتدين المؤسسة العسكرية الحاكمة في تل أبيب).

وعن دور الجهاز في تحقيق المفاجأة في حرب أكتوبر، قال السيد أحمد عبد السلام توفيق: (إن معارك المخابرات دائما تدور في صمت وأبطالها مجهولون يعيشون تحت أقسى الظروف النفسية.. وراءهم خطر الموت الصامت في كل لحظة ومع كل خطوة.. معاركهم مستمرة لا تنتهي ولا تتوقف في السلم وفي الحرب من أجل أمن وسلامة الوطن؛ حفاظا على مكاسبه من الحاقدين والمخربين والعملاء).

وأجاب عن آخر سؤال بالحوار عن المفهوم الحقيقي للحرية بعد سيادة القانون ودور الجهاز في صياغة هذا المفهوم، فقال:(إن الحرية تخلق الوعي.. وتنمى الثقة والمحبة والتضحية.. وهي بأبعادها الواعية سند للسلطة والقيادة الرشيدة، وهي للمجتمع نبع إمداد بالطاقات والملكات الخلاقة وتجربة التاريخ وحكمته أدانت كل مجتمع قتلت فيه الحريات وهزمت سيادة القانون.. فالمجتمع الحر محراب مقدس تتفتح فيه نبضات الإنسانية فتعطي للحياة الروح والكرامة.. ولكن.. عندما نتكلم عن الحرية لا نعنى حرية الهدم أو التخريب أو الفوضى أو التسلط أو الحقد.. وجهاز المخابرات العامة مُكرس لخدمة وحماية كل هذه القيم التزاما بقانون الحريات الذي كفل للأفراد كافة الحقوق اللازمة لتأكيد حرياتهم وحماية حرماتهم).

تعليقات القراء