نسف لشارون 60 دبابة .. خدعة المشير «طنطاوي» التي سحقت القوات الإسرائيلية في معركة «المزرعة الصينية»

الموجز

كشف اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالقوات المسلحة، أسرار الخدعة التي نفذها المشير محمد حسين طنطاوي، ضد القوات الإسرائيلية، في المعركة التي عرفت باسم معركة المزرعة الصينية، حين كان ضابطًا برتبة مقدم أثناء حرب أكتوبر، وبالتحديد يوم 15 أكتوبر 1973.

وروى "سالم"، في حواره مع الإعلامي سمير عمر، ضمن حلقة الليلة من برنامج "أهل مصر"، على قناة "سكاي نيوز عربية"، تفاصيل الخدعة حين قرر وقف إطلاق النار تماما لإغراء قوات العدو على التقدم عبر المنطقة الواقعة بين الجيشين الثاني والثالث الميدانيين على الضفة الشرقية لقناة السويس، وبالفعل تقدمت القوات الإسرائيلية حتى أصبحت في مرمى نيران القوات المصرية ولا يمكن أن تخطئها أي رصاصة حتى من بندقية صغيرة، وفور تقدمها حاصرها "طنطاوي" بقواته لدرجة أن أرئيل شارون فقد 60 دبابة.

وأضاف أن موقعه أثناء الحرب كان متابعة تدفق قوات العدو من داخل العمق الإسرائيلي سواء قوات إسرائيلية أو أجنبية، مشددًا على ضرورة أن يتذكر التاريخ موقف القيادة السياسية إبان الحرب حين قرر الرئيس الراحل أنور السادات الدفع بفرقة من الاحتياطي لإجبار العدو على عدم توجيه قوات نحو سوريا، وحين حذره البعض من الإقدام على تلك الخطوة، قال: "يعني أضحي بفرقة ولا أضحي بسوريا".

واعتبر "سالم"، أن مشكلة سيناء تتمثل في الفراغ السكاني الذي يغري العدو الإسرائيلي، مشددًا على ضرورة زرع سيناء بالبشر قبل الشجر، وإنهاء حالة فصلها عن الوطن الأم، مشيدًا بمشروعات الأنفاق التي تم افتتاح بعضها وجاري تنفيذ البعض الآخر، والكباري والمعديات وغيرها من المشروعات التي تعجل بدوران عجلة التنمية باعتبارها بداية الإعمار الذي يقضي على الإرهاب بسهولة.

لعل أغرب ما وُثق عن معارك حرب أكتوبر هو ما يخص معركة «المزرعة الصينية» التي وقعت يوم ١٥ أكتوبر ١٩٧٣ في الضفة الشرقية لقناة السويس وما زالت تحوى الكثير من الغموض والتفاصيل التي لم تُرو بعد، حيث خططت تل أبيب لاختراق القوات المصرية عبر المنطقة الواقعة بين الجيش الثانى والجيش الثالث الميدانيين في تلك المنطقة، لفتح مساحة تكفى لتجميع جسور عائمة لعبور القناة، وبعد ذلك تتحرك الفرقة ١٤٣ المدرعة الإسرائيلية لقطع خطوط الإمدادات للجيش الثالث المصرى.
وسر تسمية المعركة بالمزرعة الصينية يرجع إلى أن المنطقة كانت في مزارع تجارب يابانية في سيناء، لكن الجنود الإسرائيليين عندما وجدوا أدوات ومعدات مكتوبا عليها باللغة اليابانية ظنوا أنها صينية ومن هنا أتى الاسم، وتمت المعركة بين لواء مشاة ميكانيكى للجيش المصرى وفرقتين مدرعتين مع كتيبة مظلات للجيش الإسرائيلى، وأبرز قادة المعركة من مصر سعد الدين الشاذلى وسعد مأمون وعبدالمنعم واصل وعبدالحميد عبدالسميع، ومن إسرائيل حاييم بارليف وإراهام آدان وأرئيل شارون وعوزى يائيرى وإسحاق موردخاى.(البوابة نيوز)

"لقد فاجأنا الجنود المصريون بشجاعتهم وإصرارهم، لقد تربى أبناء جيلى على قصص خرافية عن الجندى المصرى الذى ما أن يرى دبابة تنقض عليه، حتى يخلع حذاءه ويبدأ فى الهرب بعيدًا وهذا ما لم يحدث، فلم تنخلع قلوب المصريين أمام الدبابات، كانوا يلتفون قى نصف دوائر حول دباباتنا، ويوجهون صواريخ آر بى جى فى إصرار منقطع النظير ليس لدى تفسير لهذا الموقف سوى أنهم كانوا سكارى بالنصر، وفى مثل هذه الحالة ليس للدبابة أى فرصة فى المعركة".. بهذه الكلمات وصف الجنرال موشيه عفرى، أحد القادة الإسرائيلين فى حرب أكتوبر، بشاعة وقوة معركة المزرعة الصينية، إحدى أكبر وأهم المعارك التى خاضها المصريين خلال حرب أكتوبر ضد العدو الإسرائيليى والتى كانت أكبر معركة دبابات فى حرب 1973.

ويروى اللواء متقاعد محمد زكى الألفى، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، لـ"اليوم السابع"، تفاصيل المعركة، بصفتة أحد القادة المشاركين بها.

ويقول الألفى، فى البداية: "تخرجت فى الكلية الحربية يناير 1970 وانضممت للفرقة 16 بالجيش الثانى الميدانى، التى اقتحمت قناة السويس من الطريق الأوسط شمال وجنوبا حتى البحيرات المرة الكبرى، والتى خاضت أهم وأخطر المعارك خلال الحرب، وشاركت فى حرب أكتوبر برتبة ملازم أول، وقائد سرية، فى الكتيبة 18 التابعة للواء 16 مشاه التابع للفرقة 16، والتى كانت على الجانب الأيمن للجيش الثانى الميدانى وللفرقة وللواء، خلال خطة الحرب، وكان يطلق على هذا النطاق بالكامل الدفرسوار شرق، أو قرية الجلاء المصرية، أو معركة المزرعة الصينية، وهى مزرعة تجريبية أنشئت فى الخمسينيات، وعمل بها بعض الخبراء اليابانيون وكانت لهم كتابات يابانية على بعض الأماكن بها وظن الإسرائيليون أنها كتابة صينية ومن هنا أطلق عليها "المزرعة الصينية".

وتابع "الألفى" أن منطقة المزرعة الصينية، كان لها أهمية استراتيجية كبيرة جدًا، وهو ما كان يتضح جليا من خلال زيارات القادة وعلى رأسهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حتى جمعيات ومؤسسات المجتمع المدنى أيضًا مثل "راوية عطية"، وتنبع أهميتها من منطلق أنه فى حالة تمكن العدو من الاقتحام منه والانتقال لغرب القناة، سيكون على مسافة 100 كيلو من القاهرة، كما أنه سيكون فى نقطة مفصلية مهمة جدا ما بين الجيشين الميدانيين الثانى والثالث، وسيكون لحظتها فى مؤخرة الجيشين، وبالتالى سيكون هناك أثر سلبى على معنويات الجيش، كما أنه حال احتلال العدو للمنطقة كان سيكون كارت ضغط على مصر فى حالة وقف إطلاق النار، ومن هنا كانت القيادة تولى أهمية قصوى للمزرعة الصينية.

ويضيف أن العدو كان يدرك أهمية هذه المنطقة وخطورتها، لذلك كان يدرب جنوده على احتلالها، وهو ما اتضح لرجال القوات المسلحة المصرية وقتها.

وعن التخطيط لعملية حرب أكتوبر بشكل عام وتأمين المزرعة الصينية خاصة، يشير الألفى إلى أن الجيش الثانى الميدانى تحت قيادة اللواء سعد مأمون، خصص نسق ثانى قوى جدًا متمثل فى فرقة مدرعة كاملة تتمركز فى الغرب للتصدى لأى محاولة للوصول لهذا المكان.

استمرت حوالى 3 أيام
القوات التى عبرت فى الموجات الأولى هى قوات من المشاة مدعمة بأسلحة مضادة للدبابات، مثل مدافع عديمة الارتداد، وبداية المعركة كانت هناك مصاعب مثل النقاط الحصينة تغطى المواجهة بالنيران والمدفعية والمواد الحارقة، ورفع الساتر الترابى على حد القناة بارتفاع 20 مترًا، وتم التغلب على هذه الصعوبات وتم عمل "مصاطب ترابية: فى الغرب بمسافة 500 متر من الحد الأمامى وترتفع أعلى من الساتر الترابى للعدو ووضعنا عليها أسلحة ذات مدى طويل ومقذوفات موجهة مضادة للدبابات وذلك لتأمين عبور القوات للقناة، لكن مع بداية عبور القوات الجوية زادت الروح المعنوية للقوات وروح الهجوم والمبادرة، وبالفعل تمكنا من اقتحام وعبور القناة، وظلت المعارك دائرة ونجاحات القوات وتقدمها".

فى هذا التوقيت كان لدى العدو مجموعة استطلاع، حوالى 7 دبابات، وصلت إلى نقطة تل سلام على بعد 5 كيلو جنوب الدفرسوار، ولم يجدوا بها أحد من قواتنا، فأبلغوا القيادات وكان قائد الفرقة وقتها "آريل شارون" وفرقة أخرى قائدها "آدان"، وبدأو ينفذوا عملية الاقتحام من هذا المكان، فى يوم 15 أكتوبر، فيما أطلق عليه معركة المزرعة الصينية، والتى استمرت حوالى 3 أيام، لحفظ ماء الوجه وإنقاذ الروح المعنوية المنهارة.

وبدأ العدو يهاجم وحدات اللواء 16، بما فيها الكتائب:"16 التى كانت تحت قيادة المشير حسين طنطاوى، والذى كان برتبة مقدم وقتها وقاتل قتال عظيم، والكتيبة 18 بقيادة المقدم أحمد إسماعيل عطية والكتيبة 17"، والتى تصدت لهم بكل قوة، وفشل فى تحقيق أى تقدم، ثم استدعت قوات العدو لواء مظلات كان متواجدا فى رأس سدر، لكن تحرك بريًا ليلاً، بمركبات نصف جنزير.

وتابع: "كان لدى فى السرية جندى اسمه مرعى، وشاويش اسمه الغرباوى تمكنوا من تدمير مدرعتين ودبابة للعدو فى أول يوم للمعركة وأسروا 7 جنود".. وتابع قائلاً:"فى هذه المعركة أسرت بسريتى فقط 17 إسرائيليًا، وسلمتهم لقائد الكتيبة".

واستطرد: "الجانب الأيمن للكتيبة كان يبعد عن قناة السويس والنقاط الحصينة حوالى كيلو ونصف، والنقط الحصينة كان بها قوة من الكتيبة 17 والتى اقتحمها الرائد تابعى شطا والنقيب عجمية من رجال المدرعات".

وبدأ العدو حينما تأكد من قلة قواتنا فى الغرب، فى العبور يعبر بوحدات مظلات بالبرمائيات، من تل سلام إلى مطار الدفرسوار.

فى أعمال قتالية فردية دارت خلال المعركة، ويرجع الفضل فيها لاختيار الموقع الدفاعى الذى كانت تستند عليه الكتيبة 18، حيث اختار قائد الكتيبة المقدم أحمد إسماعيل، موقع دفاعى يستند على ترعة جافة داخل المزرعة، فحينما كنا نقف على الجانب الغربى للترعة تعتبر خنقدق مضاد للدبابات فكنا نصطاد دبابات العدو داخل هذه الترعة، حيث يعتقد العدو أنه بإمكانه أن ينزل إلى الترعة الجافة، ويخرج من ناحيتنا لكنه كان يجد صعوبة ويسير بعرض الترعة وهنا نصطاد الدبابة.

ووصل القتال فى هذه المعركة أن الجنود كانوا يقاتلون يدًا بيد، بالقنابل اليديوية والمضادة للدبابات، فقد دفع العدو بأرتال ضخمة جدا من الدبابات للعبور للغرب، لكن أبلت قواتنا بلاء أكثر من رائع، ومن ضمن أبطال المعركة الملازم محمد الخضرى الذى حاصر النقط الحصينة للعدو لمدة 3 أيام واستشهد خلال الهجوم على هذه النقطة.

مائير وديان يعترفون بتفوق القوات المصرية في المعركة

وتحدثت جولدا مائير رئيسه وزراء إسرائيل حينها، عن حرب أكتوبر ومعركة الدبابات، قائلة، إن المصريين عبروا القناة وضربوا بشدة قواتنا في سيناء، وتوغل السوريون في العمق على مرتفعات الجولان وتكبدنا خسائر جسيمة على الجبهتين، وكان السؤال المؤلم في ذلك الوقت هو ما إذا كنا نطلع الأمة على حقيقة الموقف السيئ أم لا؟!

لا نملك القوة الكافية لدفع المصريين إلى الخلف

وذكر موشي ديان وزير الجيش الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر، أنى أريد أن أصرح بمنتهى الوضوح بأننا لا نملك القوة الكافية لدفع المصريين إلى الخلف وأننا لا نملك القوة الكافية لإعادة المصريين عبر قناة السويس مرة أخرى.

وأضاف "ديان"، إن المصريين يملكون سلاحا متقدما.. وهم يعرفون كيف يستخدمون هذا السلاح ضد قواتنا ولا أعرف مكانا في العالم محميا بكل هذه الصواريخ كما هو عند مصر، لافتا إلى أن المصريين يملكون العديد من الأنواع المختلفة من السلاح، وهم يستعملون كل هذه الأنواع بامتياز وبدقة متناهية.

وعن صائدي الدبابات تحدث "ديان" قائلا: إن المصريين يستخدمون الصواريخ المضادة للدبابات وللطائرات بدقة ونجاح تام، فكل دبابة إسرائيلية تتقدم نحو المواقع المصرية تصاب وتصبح غير صالحة للحرب.

ويستطرد وزير الجيش الإسرائيلي قائلا: الموقف الآن هو أن المصريين قد نجحوا في أن يعبروا إلى الشرق بأعداد من الدبابات والمدرعات تفوق ما لدينا في سيناء، والدبابات والمدرعات المصرية تؤيدها المدافع البعيدة المدى وبطاريات الصواريخ والمشاة المسلحون بالصواريخ الخاصة بالدبابات.

ويعترف ديان قائلا: إن الأهم بالنسبة لنا وللعالم أننا إسرائيل لسنا أقوى من المصريين وأن هالة التفوق الإسرائيلي قد زالت وانتهت إلى الأبد، وبالتالي فقد انتهى المبدأ الذي يقول إن إسرائيل متفوقة عسكريا على العرب كما ثبت خطأ النظرية الإسرائيلية بأن العرب سينهزمون في ساعات إذا أعلنوا الحرب ضد إسرائيل.

تعليقات القراء