أصيبت طائرته فأمر طاقمه بتدميرها تماماً حتى لا تقع في أيدي العدو .. إحتل دشمة حصينة هو وطاقمه وسلمها للقوات البرية .. طيار هليكوبتر مصرية يسطر بطولة خلف خطوط العدو

الموجز   

من ملفات بطولات الجيش المصري على أرض سيناء ، نشرت المجموعة 37 مؤرخين ، قصة طيار مصري سقطت طائرته خلف خطوط العدو في حرب أكتوبر.

حيث خرج تشكيل طائرات هليكوبتر في مهمة خلف خطوط العدو وتم وصول التشكيل إلى أعماق سيناء ، ونزل من الطائرات جبابرة الصحراء أبناء جيشنا البوسل من رجال القوات الخاصة.

وبعد أن تم الانزال أقلعت الطائرات مرة أخري وأخدت طريقها إلى العودة بين الجبال وفوق التباب في طيران منخفض جدا بين السهول والوديان ، وعادت الطائرات الى قواعدها سالمة ما عدا طائرة واحدة.

تم الطيران كله في صمت؛ ولم يلتقط لها أي اشارة لاسلكية؛ ولكن من المؤكد أنها وصلت إلى هدفها وأتمت مهمتها؛ وحلقت ثانية في طريق عودتها وفق توقيتاتها.. لابد أنها أصيبت فجأة.

أو تكون لأي عطل فني مفاجىء قد أضطرت للهبوط ، أو لعلها تكون عند هبوطها أضطراريا قد تحطمت .. كلها كانت أحتمالات ، ولم يكن هناك أي مجال لمحاولة البحث عنها فقد كانت المهمة ليلا .. وخط سير عودتها طويل يصل الي عمق بعيد في سيناء .. أبلغت القيادة عن فقد الطائرة وطاقمها ..

كما أبلغت القيادة أن الطائرة مفقودة بعد أن أتمت بالفعل مهمتها .. لقد شاهدها – أثناء أقلاعها من مكان هبوطها في سيناء أحد أفراد التشكيل الذي كان يتبعه في هذه الاثناء.

الى هنا وأنتهت القصة .. وهي صورة عادية؛ تحدث واختمالها قائم .. أنها الحرب ..

ولكن بعد ثلاثة أيام بالضبط. بعد ٧٢ ساعة بالظبط. يصل طاقم الطائرة الى مطاره. ويستأنفون قتالهم في تشكيلاتهم

ولكن طائرتهم كانت قد تحطمت وقام قائدها بتدميرها في محلها على الأرض وهذا أيضا عمل عادي وواجب على كل طيار في مثل هذه الظروف.

ولكن الأمر غير العادي هو ما حدث خلال ساعات طويلة أمضاها طاقم هذه الطائرة في أرض سيناء .. وأترك ما حدث يرويه لي مجموعة الطاقم وقائد الطائرة قالوا:

كانت جميع أنوار الطائرة مطفأة وفجأة ظهر وهج قريب 

((كانت الليلة مقمرة؛ وكان منظر الطبيعة عاديا ونحن نطير على ارتفاع أمتار من الأرض . وقطعنا مرحلة طويلة من رحلة العودة. كنا نتجنب فيها مواقع العدو المحددة على خرائطنا .. كانت جميع أنوار الطائرة مطفأة وفجأة ظهر وهج قريب .. انها طلقة مدفعية مضادة للطائرات وكانت الإصابة مباشرة في ريش الطائرة الرئيسية .. وتصرف قائد الطائرة بسرعة . ومن هذا الارتفاع البسيط الذي كنا نطير عليه تمكن قائد الطائرة أن يهدئ من شدة صدمة الطائرة بالارض .. وفورا خرجنا من الطائرة بسرعة))

((لقد أصدر قائد الطائرة أمرا بأخذ كل الوثائق الهامة وغير الهامة من الطائرة وتدميرها بإشعال النار فيها .. ان الطائرة كانت في حالة لا تسمح بطيرانها بعد الحادث اطلاقا .. وفعلا تم اشعال النار بالطائرة وبددت نيران الحريق ظلام المنطقة .. ثم أمر ثالث من القائد؛ أن نتخذ أتجاها ما؛ سيرا على الاقدام في حذر لنبتعد عن مكان الطائرة وأن نحتمي بالتباب ، وأن نراقب ما حولنا ..

وما قد توقعه القائد كان ، لقد جائت الى مكان الحادث طائرة هليكوبتر معادية وألقت مشاعل مضيئة على مكان الطائرة واقتربت منها ؛ ولم تتمكن من الهبوط.

لقد كانت منطقة وعرة ويستحيل نزول أي طائرة في هذا المكان.. لقد كان منظر الطائرة بعد تدميرها يوحي بأن كل من فيها قد صاروا في عداد الأموات .. ولم يحاول العدو العودة الى هذا المكان مرة أخرى ..)) والى هنا أنتهى حديث أحد أفراد الطاقم .

ويكمل قائد الطائرة ((مكثنا في مكاننا في مكاننا هذا طوال الليل .. وفي الصباح كنا نراقب بحذر المنطقة ؛ وبدأت أحدد مكاني بالضبط؛ ثم أخذت قراري في الاتجاه الذي يجب أن نسلكه ليوصلنا إلى قواتنا الحبيبة .. أنني أعرف مكانهم .. ولكنه ليس بقريب..))

وقاد قائد الطائرة باقتدار مجموعته على الأرض تماما كما يقودها في الجو .. وفي اَخر ضوء اليوم الاول تسمرت المجموعة في مكانها عندما أطلت من خلف أحد التباب التي بلغوها وشاهدوا أمامهم مباشرة وفي الصحراء دشمة حصينة .. أنها ليست لقواتنا بالقطع .. أنها ليست حديثة الانشاء؛ ان تجهيزاتها هي نفس نوع تجهيزات دشم العدو؛ التي كثيرا ما قام طيارونا بتصويرها وهنا أعطى أمرا لمجموعته بالثبات والمراقبة .. وأن تستمر المراقبة طوال الليل لهذه الدشمة وما حولها .. وقد كان.

ان هذه الدشمة ليست ببعيدة جدا عن مدى قواتنا .. انها على أحد التباب الحاكمة في المنطقة من وجهة نظر التكتيك البري .. لابد أن العدو يأخذها كموقع دفاعي وجاء الصباح ولم تظهر أي حركة لا في الدشمة ولا حولها .. وقال قائد الطائرة : (( أن تقدمنا في هذا الاتجاه أو حوله (وأشار الى الاتجاه أمامه) هو طريقنا؛ وأمامنا أحد طريقين اما أن نرسل فردالاستطلاعها واما ان نلف حولها وفي هذه الحالة سنقابل بنفس الاسلوب الدفاعي .. انه خط دفاعي للعدو وبالتالي سنجد أنفسنا في نفس الظروف ولكن في مكان أخر .. وهنا برز أحد أفراد الطاقم وقال أنه مستعد للتقدم من الدشمة لاستطلاعها عن قرب .. وتمت اجراءات التخطيط لفرد الاستطلاع وتأمينه وكذا الاتفاق على تبادل الاشارات بمضمونات الاحتمالات المختلفة ..

وعلى بركة الله بدأ الاستطلاع الأرضي وكانت المفاجأة أن أن اشارات فرد الاستطلاع مطمئنة .. بل تدل أنه في منتهى الأمان والاطمئنان وكيف لا؟ فعلا لم يلق أي مقاومة .. أو حتى بوادر مقاومة .. وأخذ الاذن بتكملة المهمة .. واستمر واستمر ثم أعطى اشارة الأمان .. ودخل الدشمة وبدأ الانتظار .. وبدأ القلق .. وطال الانتظار وزاد القلق .. عليه .. على فرد الاستطلاع ..

وفجأة ظهر ظهر مستفسرا بأعلى صوته وبالاشارات عن سبب تأخرهم في اللحاق به وأسرعوا إلى الدشمة .. انها خاوية .. خاوية من أي فرد ..

ولكنهم وجدوا أثارا تدل أنها كانت مستخدمة منذ ساعات فقط .. لقد وجدوا فيها ثلاجة .. والثلاجة تعمل بالبوتجاز ولم يجدوا الماء ولكنهم وجدوا علب بيرة ولكن حتى لو وجدوا المياة فلن يشربوا منها .. فقد تكون مسممة قد تكون غير صالحة. لا داعي .. معهم زمزمياتهم.

وقرر قائد الطاقم أن يمكث ليلة في هذا المكان أو حوله على وجه الدقة. قبل أن يستأنف رحلته .. ولكن لابد أيضا من استطلاع .. قد يكون العدو قد تقدم الى الامام ..

وطلب فرد الاستطلاع أن يقوم بنفس العمل بل أصر على عمل الاستطلاع التالي وسعد الباقون بذلك لقد تدرب .. انهم يتفاءلون باستطلاعه. وقد كان :

وبنفس الاسلوب وبنفس الطريقة تقدم فرد الاستطلاع وبقى باقي الطاقم في الدشمة الحصينة لمتابعته عندما يصدر لهم اشارة الأمان للقيام بوثبة أخرى للامام على حد تعبير العسكري . وفجأة شاهدت المجموعة زميلهم فرد الاستطلاع بين مجموعة من الجنود .. لقد التفوا حوله .. لقد أمسكوا به.

وأخذت المجموعة تراقب من مزاغل النقطة الحصينة الموقف بحذر بالغ .. وفجأة مرة أخرى يشاهد من بعد اشارات السماح بالتقدم .. أصوات الأمان

ان زميلهم فرد الاستطلاع تقابل مع مجموعة من جنود وحداتنا الأرضية التي كانت في مهمة ما – لقد تعارفوا وبسرعة..

وهناك سأل زميلنا فرد الاستطلاع رجال قواتنا عن سبب وجودهم في هذا المكان فأجابوه اننا نستطلع هذه النقطة الحصينة (( لقد أتيت من حولها. ستحتلها وحداتنا اليوم فيرد زميلنا بفخر اننا احتللناها أمس .. ان فيها قائد الطائرة وطاقمها)).

وكانت مفارقات عجيبة ويصبح قائد طائرة الهليكوبتر وطاقمها أول من يحتل هذه الدشمة الحصينة داخل سيناء ويستلم قائد وحده المشاة الدشمة الحصينة من قائد الطائرة الهليكوبتر وتحتلها قواتنا البرية وبعد ذلك يأخذ طاقم الطائرة الهليكوبتر وقائدها طريقهم الى قاعدتهم الجوية ، ليستمروا في القتال .

تعليقات القراء