المعركة الفاصلة في حرب أكتوبر .. قطعوا «المياه والطعام» عن القوة المصرية وتم قصفهم بالطائرات والمدفعية وصمد أبنائنا .. أشرس اشتباكات بين الصاعقة المصرية والجيش الإسرائيلي في «كبريت» .. مشاهد حقيقية من المعركة

الموجز 

تحمل أفراد كتيبة مكونة من ٤٥٠ جنديًا مسئولية نقطة محاصرة من قبل «الإسرائيليين» إضافة إلى كونها النقطة الفاصلة والحامية للجيشين الثانى والثالث الميدانى، دون قدرة على إجراء اتصالات أو الحصول على إمدادات من قوات الجيش الرئيسية.

كانت معركتها أصعب من أن يدركها خيال، خصوصًا أن هذا الحصار استمر لمدة ١١٤ يومًا، بداية من نجاح الكتيبة ٦٠٣ في الاستيلاء على نقطة «كبريت» الحصينة والتي كانت مقرًا لإحدى نقاط القيادة الإسرائيلية الفرعية.

 تقع كبريت في المنطقة الفاصلة بين الجيشين الثانى والثالث الميدانى، كما تقع في أضيق منطقة بين البحيرات المرة الكبرى والصغرى، فالمسافة بين الشاطئين الشرقى والغربى عند هذه المنطقة لا تزيد على ٥٠٠ متر، وتوجد في الوسط جزيرة يستطيع من خلالها العدو تطويق الجيش الثالث والوصول لمدينة السويس.
انتهى الحصار في ٢٠ فبراير ١٩٧٤ وتمت إعادة الجنود المتبقين على قيد الحياة إلى معسكر خاص لكى يتم تأهيلهم بدنيًا ونفسيًا قبل عودتهم إلى ذويهم، حيث عادوا في قطار من السويس إلى الإسكندرية في نهاية شهر فبراير، وكان في استقبالهم أهالي المدينة الساحلية في قمة السعادة ببسالتهم، فحصار تكريت لفت نظر العالم بأجمعه إلى المقاتل المصرى.

اللواء «سعد الدين أنور»، ملازم أول بالكتيبة، قال في مذكراته، إن اقتحام «كبريت» لم يكن مخططًا له منذ البداية، لافتًا إلى أن قرار الفريق «سعد الدين الشاذلى»، بتحرك الجيش الثانى الميدانى شمالًا ناحية البحيرات المرة الكبرى وصولًا إلى بورسعيد، ثم تحرك الجيش الثالث من جنوب البحيرات حتى «بورتوفيق» في مدينة بورسعيد من أسفل، وبقاء نقطة «كبريت» شوكة في المنتصف، إذ كانت من أصعب النقاط التي يسيطر عليها العدو، ولم يتم التخطيط لاحتلالها، ولكن أثناء التحرك، وقبل العبور بنحو نصف الساعة، وصلت معلومات للقيادة العامة للقوات المسلحة تفيد بأن العدو بدأ في تجميع قواته نحو نقطة «كبريت» مستخدمًا تلك الشوكة للقيام بعملية اختراق عميق للقوات المصرية، الأمر الذي أدى إلى تغيير الخطة وتكليف الكتيبة ٦٠٣ مشاه أسطول، بقيادة المقدم الشهيد إبراهيم عبدالتواب، باقتحام هذه النقطة والاستيلاء عليها.

اختراق «كبريت» بالمركبات البرمائية 

عندما نجحت الكتيبة ٦٠٣ في اختراق «كبريت» بالمركبات البرمائية، ودخلت على محور «الجدى»، اشتبكت هناك مع العدو، ودمرت عددًا من مدرعات العدو، ولأن قوات العدو كانت أكبر من الكتيبة من ناحية التسليح والعدد، فقد أصدر قائد الجيش «الفريق عبدالمنعم واصل» أوامر بتعديل مهمة الكتيبة ٦٠٣، بالارتداد إلى رأس الكوبرى عند الفرقة السابعة، ولكن الشهيد العظيم «عبدالتواب» رفض الاستسلام، وظل يقاتل مع كتيبته حتى التاسع من أكتوبر في منطقة محور الجدى، وهو اليوم الذي صدرت فيه أوامر من قائد الجيش بأن تتقدم قوات «عبدالتواب» لمسافة ١٥ كيلو مترًا حتى تتم السيطرة على كبريت، وبنهاية اليوم كان المراد قد تحقق.
وفى نهاية الحرب، وبعد أيام قليلة من بدء الحصار، بدأت محادثات بين القوات، في محاولة لفض الاشتباك، أطلق عليها «مفاوضات الكيلو ١٠١».

وكانت المفاوضات حول الفرقتين المحاصرتين في الشرق جهة الجيش الثالث، فرقة «أحمد بدوى» الفرقة ٧، والفرقة ١٩ بقيادة يوسف عفيفى، فتم الاتفاق على إمداد القوات الشرقية ما عدا الكتيبة ٦٠٣، حيث رفض اليهود الاعتراف بوجود قوات مصرية في «كبريت» وطالبوا بالانسحاب منها، فرفضت قوات «عبدالتواب»، فعرض «الصهاينة» انسحاب «عبدالتواب» وكتيبته مخلفين أسلحتهم فرفضت القيادة العامة، في مقابل امداد القوات الشرقية، وردت قوات العدو مقترحة على الكتيبة الانسحاب والعودة إلى وحدتها في الجنوب، وعرضت القيادة العامة «متضررة» الأمر على قائد الكتيبة إبراهيم عبدالتواب، فرفض عبدالتواب قائلًا: «مستحيل أنا لى فوق الـ١٥٠ شهيد هنا دفنتهم بإيدى ولا يمكن أترك هذه المنطقة»، فعرضت القوات الإسرائيلية أن تنسحب قوات «عبدالتواب» بكل أسلحتها، ويتم تكريمها فصمم «عبدالتواب» أيضًا على البقاء على الأرض، وكانت القيادة العامة في الجيش المصرى لها رغبة في قرار «عبدالتواب» فلم يراجعوه في قراراته.. واستمر الحصار لمدة ١١٤ يومًا، دون تراجع أو هوادة من الكتيبة ٦٠٣، وخلال هذه الفترة سقط أكثر من ٢٥٠ شهيدًا من أبطال الكتيبة ٦٠٣، ختامهم كان بالفعل مسك، حيث سقط الشهيد المقدم «إبراهيم عبدالتواب» أثناء إغارة لقوات العدو في عصر ١٧ يناير ١٩٧٤ بينما كان يصلى، وحينما أحس الإسرائيليون باستشهاده، فلم تخرج طلقة واحدة بعد ذلك في ذلك اليوم، للتعبير عن احترامهم لاستبسال هذا الرجل في الدفاع عن موقعه، وبعد استشهاده بأيام قليلة، وافقت القوات الإسرائيلية على وصول الإمدادات إلى «كبريت» من خلال الأمم المتحدة.

 

تعليقات القراء