عايزك تدمر مركز قيادة الجيش الإسرائيلي في سيناء .. ما تقربش من مطار القاهرة عشان الدفاع الجوي بتاعنا هيضربك .. هتطلع من غير مقاتلات تحميك .. مبارك يكلف طيار بمهمة انتحارية فـ «طار بكفنه»

الموجز - كتب - محمد علي هـاشم 

- في حديثه عن حرب أكتوبر تفاخر قائد القوات الجوية في ذلك الوقت اللواء محمد حسني مبارك ، بضرب مركز القيادة والسيطرة الرئيسي والخاص بالجيش الإسرائيلي في سيناء ، قائلاً : 

  هجمنا على جميع وسائل الدفاع الجوي هجمنا على مطارات العدو اللي موجودة في سيناء ، هجمنا على مراكز القيادة للعدو في سيناء وحدث إرتباك في القيادة الإسرائيلية . 

وعن خطة ضرب مركز القيادة الإسرائيلي في سيناء ، يرويها بطل العملية اللواء طيار أحمد صادق الجواهرجي رحمة الله عليه ويروي كيف كلفة مبارك بمهمة انتحارية في افتتاحية حرب أكتوبر ومدي الفدائية والتضحية منة ومن طواقم الطائرات.

الجواهرجي : كنت ضابط إستطلاع السرب برتبة رائد طيار ، و لي غرفة مستقلة بها عدة خرائط محدد عليها الأهداف المحتملة و صور جوية لها ، و سابدا معكم في سرد الأحداث .
يوم الخميس 4 أكتوبر 1973 الساعه 11 صباحا
مكالمة من برج المراقبة  تبلغني بإقلاع طائرة أليوشن 14 من مطار الماظة متوجهه إلينا و على متنها اللواء طيار حسني مبارك قائد القوات الجوية – مطلوب من سيادتك إستقباله على الأرض – الوصول بعد 10 دقائق .
إستعجبت من ذلك الأمر فترتيبي رقم 5 في قادة السرب ، و الأمر الطبيعي أن مثل هذه المقابله تكون مع قائد السرب ، فما الذي يستدعي طلبه لي تحديداً بل و مجيئه بنفسه ، فساورتني الظنون بأن والدي قد وافته المنيه ، و قد كان قائدا لحسني مبارك و رئيس لشعبة العمليات . و أثناء حرب اليمن كانت قنوات الإتصال بينهم مفتوحه دائماً لمتابعة سير العمليات ، و قد كان محباً لوالدي و يوده فخرجت لإستقباله لأجد في إنتظاره العميد طيار حسام البشاري قائد قاعدة غرب القاهره ” و هو شخصية محترمة جداً “

– هبطت الطائرة و ما ان توقفت و نزل منها و أدينا التحية العسكرية إلا ان طلب مني أن أتبعه و توجه من فوره لداخل القاعدة فقد كان يعرفها جيداً منذ كان قائداً لها و كانت وجهته  مكتب قائد القاعده و به طاولة إجتماعات في المنتصف فجلس عليها و طلب مني الجلوس و طلب من حسام أن يتركنا وحدنا – قام بإغلاق الباب و سالني : هل انت صائم ؟ فأجبته بنعم ، فطلب مني ان أفطر ، و قد كان متبعاً فيما سبق إذا ما كان هناك طلعات في رمضان فكان القائد يطلب منا أن نفطر ، و كنت اوافق فيعطينا قطع من الحلوى و يتأكد من اننا وضعناها في فمنا و كنت ألفظها فور إنصرافه لأكمل صيامي ، أما هذه المرة فالأمر كان مختلفاً ، و بطريقة تختلف عن أي مرة سابقه ، فأجبته بالتنفيذ ، فأمرني أن أطلب كوباً من الشاي فطلبته ، و جلست ، و ما زال صامتاً لمدة دقيقتين أو ثلاثة فتأكد حدثي بأن والدي قد أصابه مكروه لا محاله – يلف أرجاء المكتب حاله من الصمت الرهيب و المهيب – و صل الساعي حاملا كوب الشاي الذي طلبته ، فطلب مني ان أشربه ، فأخذت رشفة فبادرني بالسؤال : هل تعلم أين يقع مركز القيادة و السيطرة الإسرائيلي فى سيناء؟؟؟ فأجبته بعلمي به ” نعم أعلم ” موجود في أم مرجم .
( هناك خلط بين عدد غير قليل من المتحدثين عن الحرب فالبعض يقول بأن مركز القيادة و السيطره الإسرائيلي متواجد في أم مرجم و البعض الآخر يقول بأنه متواجد في أم خشيب و هنا وجب أن أوضح بأن مركز القياده و السيطره فى  أم مرجم أما المركز المتواجد بأم خشيب فكان مركز الإعاقه و الشوشره – و سبب إختلاط الأمر في كونه جبل واحد به تبتين ) .

  فأخبرني بأن يوم 6 اكتوبر ستقوم القوات المسلحه بكامل أسلحتها بعمل عسكرى ضد كل الأهداف اللتى فى مرمى قواتنا و سيتلوها عبور قناه السويس وسيتم مهاجمه كامل الأهداف المحتملة بسيناء بكافة طائرات القوات الجوية في أقصى مدي متاح لها ، سيتلوا ضربه الطيران ضربة للمدفعيه بطول الجبهه

و سيليها عبور للقناة – ضربة كامله – حمدت الله بأن والدى بخير – و إنصب تركيزي بالكامل في إتجاه العمليات المنتظره – صمت لعده دقائق  ثم قال أنت طبعا عارف أهميه مركز القيادة و السيطرة ؟؟؟ فأجبته بأنني أعي ذلك تماماً – فقال لي : ضرورى لنجاح الهجوم أن يتم تدميره تماما ، و قد إخترتك أنت لتقوم بمهاجمته  و رديت عليه : حاضر يأ أفندم ، و عندها قام بتنبيهي بانني غير مسموح لي بأن أعود بخبر عدم تدميره و بنص الحوار.

” ما ترجعش تقولي ده ما إنضربش ، لو حصل إنك رجعت و قلت ده ما إنضربش هتاخد صاروخين تانيين و ترجع تضربه في ظروف لا يعلمها إلا الله “

فلا يوجد أدنى إحتمال لعدم تدمير هذا الهدف – فأجبته إن شاء الله حاضر يا افندم ، و هنا بادرني بأسئلة اخرى : كيف ستنفذ العمليه ؟ فأجبت بأنني بعد الإقلاع سأطير على إرتفاع منخفض 100 متر و أتجه الى اليمين في إتجاه الهدف ……فقاطعنى  …  لا : بعد الإقلاع تتجه لوادي النطرون كتمويه بعمليه ضرب بالذخيره الحيه على التبه خوفاً من وجود أي رصد لحركة الطيران حول المطار و بعد الوصول للتبه تقوم بتعديل مسارك بإتجاه أم مرجم مباشرة على إرتفاع لا يتعدي 100 م  لتضرب و تعود مباشرة ، في أثناء الإتجاه للهدف تقوم بحساب النقطة التي سترتفع فيها متسلقاً لأتخاذ الإرتفاع المناسب لوضعية إطلاق الصواريخ : و عاد ليسألني : كم الإرتفاع الذي سأصل إليه ؟ فأجبته 4 كلم يا أفندم ، و كم ستكون سرعتك ؟ فأجبت 400 كلم ، فتساءل إن كنت أستطيع زياده السرعة ؟ فأجبته بأنني لن أستطيع فإطلاق الصاروخ يتطلب أن تكون سرعتي بين 400 ألى 450 و لذا فسوف أكون على إرتفاع 4000 متر بسرعه 400 كم– فعاد ليسألني عن المدى الذي ساطلق منه ؟ فأجبت بأن أقصى مدى للصاروخ 120 كلم و أدنى مدى 60 كلم– ليعود فيسأل : ما المدة التي ستظهر فيها على الرادار المعادى ؟ فأجبت حوال 12 دقيقة  من ساعه بدء التسلق حتى اطلاق الصواريخ.  ثم عاود السؤال مطلوب كام صاروخ لتدمير الهدف ؟؟ فأجبت  لابد من أطلاق 4 صواريخ لضمان 2 أصابه مباشره حيث أن مركز القياده مدافع عنه بعدد 3 موقع صواريخ هوك و مدفعيه 40 مم (أربع مواسير ) موجه بالرادار  و سوف تتعامل مع الصواريخ ومماسبق مطلوب تنفيذ الطلعه بعدد 2 طائره.
سألنى :-
عندك أى أسأله لضمان تنفيذ العمليه بنجاح؟؟؟
وكان ردى ببساطه شديده و كأنه أمر مؤكد …أين سيتم لقائى بطائرات الحراسه من المقاتلات ؟؟؟؟؟؟
فأجاب….. مفيش طائرات حراسه…معنديش طائرات متوفره لحراستك ؟؟؟؟؟؟؟؟
وفى الحقيقه نزل هذا الرد عليا كألصاعقه و قلت …يافندم
1 – طائرة TU16 بطول 32 متر و عرض 32 متر.
2 – تطير على إرتفاع 4000 متر بسرعة 400 كم/ساعه
3 – رصد رادارات العدو لنا لمده تصل إلى 12 دقيقه
4- الإتجاه في مسار ثابت فى أتجاه مركز القيادة و السيطره الرئيسى للعدو
و موش طياره واحده دول أثنين و كل طياره شايله طائرتين مج 15
يافندم حنبان على الرادارات شرطه 3 سم يعنى صرصار ماشى على شاشه الرادار ؟؟؟حنكون هدف سهل جدا أصابته و خصوصا و أن كل موقع هوك
عنده عدد 3 لونشر (حماله صواريخ ) كل منها عليه 3 صواريخ زى ماسيادتك عارف ؟؟؟!!!!  و حندخل فى مرمى 2موقع متداخلين..لمده لاتقل عن 5 دقائق؟؟
وسكت عن الكلام !!!!! و تابعت كلامى ….ظهورى على الرادار 12 دقيقه كافيه لأبلاغ مطار العريش لأقلاع طائرات مقاتلات لأعتراضى و منعى من تنفيذ المهمه …..12 دقيقه يافندم ؟؟؟؟؟ و صمتت !!!
فأعاد رده لا يوجد عندي طائرات ، هناك طائرات مظلات جويه ستكون موجودة و لو حدث أي شئ سيتم توجيهها لمعاونتكم .
فأجبت أنه بهذا السيناريو من المحتم  سيتم ضرب طائرتي أو تدميرها إما بالصواريخ أو المقاتلات ، فآخر 120 كم في إتجاه الهدف سأكون داخل نطاق قاعدتين  لإطلاق الهوك و نسبة إصابة الهوك للـ TU16 على هذا الإرتفاع و بمثل هذه السرعة مليون في المائة إصابة مباشره و ليس 100 % ؟؟؟؟
فطلبت طلباً آخربألتأكد من ضرب مواقع صواريخ الهوك لأتمكن من التنفيذ و أجابني بأن القاذفات المقاتله ستقوم بالدور!! فعدت لأستفسر منه بأنه من المعلوم أن القاذفات المقاتلة عند ضربها لمواقع الهوك يكون هدفها محطه الرادار الموجه للصواريخ أو مركز القيادة و لكنها لا تضرب منصات إطلاق الصواريخ و يتواجد هناك مركز قيادة و رادار موجه و 3 منصات إطلاق تحمل كل منصه 3 صواريخ ، و من الضرورى ضرب منصات إطلاق الصواريخ لأن أي صاروخ سيخرج منها موجه و بدون رادار قد يصيبني فأخبرني بأنه سيتم التنبيه عليهم ،
و تابعت بأنه أحتمال مهاجمتى وأصابتى و أنا فى طريقى الى الهدف أو أثناء العوده إما سيتم  إصابتي بصاروخ أو ستهاجمني المقاتلات الإسرائيلية ففي حالة تمكنت من العوده و الطائره مصابه لمطار غرب القاهرة فقد أحتاج لعمل هبوط إضطراري و قد يستتبع ذلك إغلاق المطار، فأخبرني بأن هذا الأمر وارد و عليه يتم الهبوط فى مطار آخر فذكرت مطار جناكليس فرفض و قال  فبه لواء طائرات ميج 21 فذكرت مطار بني سويف  ورد بالرفض ، ثم سكت لبرهه و قال ” أنزل فى القاهره الدولى لأنه موش فى الخطه  و غلق الدولى لا يشكل أى مشكله ” فقلت ..حاضر يافندم ..فقال” ألأمر مش بالسهوله التي تتصورها فأنت لن تكون مؤمناً  عند دخولك مرمى الدفاع الجوى بكل أنواعه وأنت تدخل مجال ألقاهره لأنه ليس فى خطه التأمين مرورك فوق القاهرة ،، و إسترسل ” سوف أحاول تأمين مرورك  و سأرسل لك من يبلغك قبل الطلعه أذا كان مرورك مؤمن أم لا ، و فى حاله عدم تأمينك و هو الأحتمال الغالب يبقى أرتفاعك لا يذيد عن 50 متر هرباً من دفاع جوي القاهرة لأنه سيفتح عليك نيرانه بالكامل “.ورديت – تمام يا أفندم .
فأضاف : لا أريد أن يراك أي من كان . ورددت حاضر يا أفندم
و انهى اللقاء بطلب خريطة مصغرة مرسوم بخط يدي عليها المسار الملاحي للمهمة و بالتوقيتات المحدده بالتنفيذ لأنها ستكون أمامه بغرفة العمليات ليعرف منها موقعي كل دقيقه متابعاً للمهمه و نتائجها و تبعاتها –
حاضر يا أفندم
إنصرف و توجهت لغرفتي و تناولت وجبة الغداء و جلست وحدي فقد إنصرف الجميع ، فإستخرجت خريطة و أستدعيت ملاحى الرائد حسين جاد المولى و أخبرته بالمهمه و أعددنا الخريطه المطلوبه و بألحسابات اللازمه أتضح أن الأقلاع سيكون فى تمام الساعه 1320 ( أى الواحده و الثلث ظهرا ).

 

تعليقات القراء