بالفيديو .. مشهد نادر لـ «قناصو الدبابات» المصريين فى حرب أكتوبر .. فعلوا ما لا يتوقعه أحد!
الموجز - إعداد - محمد علي هـاشم
أقوى «قناص دبابات» في الجيش المصري يكشف تكريم «الرئيس» له على بطولته
«قنّاص الدبابات»: دمرت 6 فى نص ساعة يوم 6 أكتوبر.. والمرحوم «عبدالعاطى» سبقنى للمركز الأول
البسيونى أحمد فرج "بندق"، أحد أبطال حرب أكتوبر، من أبناء قرية دنوشر مركز المحلة الكبرى، شهد النكسة وشهد النصر عاصر الثغرة، وكانت له بطولة فريدة فى الدفرسورار، كان من أفضل الرماة فى المدفعية المصرية، حصل على نوط الجمهورية العسكرى من الطبقه الأولى تقديرا لشجاعته.
ما هو تاريخ انضامك للقوات المسلحة؟
التحقت بالقوات المسلحة لقضاء فتره تجنيدى فى يوم 5 مايو 1965 قبل النكسة بعامين.
عند حدوث النكسة أين كانت وحدتك وكيف شاهدت النكسة؟
كنت فى أم قطف على الحدود مع العدو بجوار تبة المشير، وعندما حدثت النكسة اشتبكنا مع القوات البرية للعدو لكن قواتنا الجوية لم تساعدنا وضربت وهو على الأرض ولم يكن هناك أمر بالانسحاب أو أي شيء، عندما تم ضرب دبابتي كان يوجد معي ظابط يدعى مصطفى الإتربي أصيب بعد ضرب الدبابة هو وطاقم الدبابة بالكامل ما عدا أنا، فقمت بحمل الظابط مصطفى ووضعته بعربة إسعاف، وطلب مني القدوم معه فرفضت وقلت له إنى سأركب دبابة أخرى لأني لم أكن أتوقع أننا سننسحب، فتركته وذهبت لأركب دبابة أخرى، ولكني وجدت الكتيبة مدمرة بالكامل وجميع الأفراد يمشون كل فرد بطريقته لأنه لم يوجد أي تعليمات لنا وعدنا بدون أى معدات.
وفى طريق عودتنا عثرت علينا مجموعة إسرائيلية فى منطقه بئر الأعفين بالقرب من العريش، وتعبت لأنى مشيت مسافة 70 كيلو مترا من المقطف حتى بئر الأعفين، ولكن جعلني جندى استطلاع صعيدي تعرفت عليه في الطريق مصاب فى كعب قدمه برصاصه، أعدو عندما شاهدته يعدو أمامي، فقام إسرائيليان بالعدو ورائى، فكانت توجد خزنة مليئة فى سلاحي الشخصي (طبنجة) فأطلقت عليهما الرصاص، فانبطحا أرضًا فقال لي الجندي الصعيدي إنهما أصيبا، لم أقدر على وضع خزنة الطبنجة الثانية، وأخذ الجندي الصعيدي ينادي (تعالى تعالى) ونجوت والحمد لله.
ولمده 20 يومًا مشيًا على الأقدام بدون أكل أو شرب حتى وصلت إلى منطقة بعد بئر العبد بالقرب من القنطرة، قابلنا بعض الأعراب، وقالوا لنا إن شيخ قبيلتهم قال لهم اجمعوا كل من تجدوه، وهناك شخص يُدعى أبو ذكري صياد كبير من بورسعيد يضع على مركبه شعار الصليب الأحمر، وعبر بنا القناه إلى بورسعيد، واستقبلنا أهالى بورسعيد رجالهم ونساءهم وساعدونا.
ما هو إحساسك وإحساس أسرتك بالنكسة كيف كان استقبالهم للهزيمة بعد عودتك؟
بعد استقبال أهل بورسعيد لنا كنت لا أريد العودة إلى المنزل إلا بعد أن ارتاح قليلا، فقد كان الإحباط مسيطرًا علي، وأرسل نقيب شرطة عسكرية، أحد الجنود للبحث عن وحدتي، وركبت قطارا من بورسعيد إلى القاهرة، وكان يقف في المحطات وينزل العساكر إلى أهاليهم وإلى منازلهم، لكنى لم أفكر فى العودة.
عند عودتى إلى معسكر الشهيد أحمد جلال فى الهايكستب وجدت عددا كبيرا من الملكيين على الباب، فلفت نظرى هذا الموقف لماذا يقفون هكذا؟، وعند دخولى قالوا لى ارتح قليلا، وأثناء خلع حذائى وأنا أجلس على السرير وجدت رجلا يلبس زيا ملكيا يسأل عن ابنه، فقلت له "يعنى هو هيجى القاهرة ومش هيعرف يجى البيت" فبكى الرجل، وقال إنه أنهى جميع إجازاته ولا يقدر على الجلوس فى المنزل من الحسرة بداخله على فقدان ولدهم، هنا تذكرت والدتي لأن والدي قد توفى قبل دخولي الجيش، فركبت القطار حتى طنطا ثم ذهبت لللمحلة الكبرى، والتقيت والدتي وجلست معها يوما واحدا ثم عدت إلى القاهره لأبحث عن أي وحدة سوف أنضم؟، فكان هناك مركز الإمداد فى مركز تدريب المدرعات فى باب 6 فى العباسية، وهناك وجدت قائد كتيبتى وبعض الأفراد، وتم نقلنا حوالى أربع أفراد إلى مدرسة المدرعات، وكان مدير المدرسة فى ذلك الوقت هو اللؤاء عمر خطاب، وقالوا لنا فى ذلك الوقت إنهم يريدون تشكيل فرق دروع مصر.
وذهبت بعد ذلك إلى الفرقة الرابعة اللواء الثاني مدرع الكتيبة 209، وتدربت على الرماية وكنت متفوقا بها جدًا، وكنت قد حصلت عل لقب رامى درجة أول، وكان لهذا اللقب (نيشان) أضعه على صدرى، وكان لها مكافأة 7 جنيهات، وكان مبلغا كبيرا فى ذلك الوقت، وكان طاقمى مكون من معمر دبابة من خرسيت مركز طنطا وسائق الدبابة من محلة روح مركز طنطا، كنا طاقمًا من محافظة الغربية متفاهما إلى أقصى الحدود.
واختلف التدريب بعد النكسة عن قبلها من حيث تطور التدريب، فقبل 67 لم نضرب أى طلقة ثقيلة ولكن بعد 67 نجد أنه بعد كل أسبوع تدريب نضرب 3 أو أربع طلقات يكلفون الدولة الكثير، وأصبحنا محترفين بعد الخوف من ضرب طلقة ثقيلة، أصبحنا نعرف كيف نضربها وكيفية توجيهها وكيفية تنسيق الدبابة مع اختلاف كل وجزئي.
وكان القادة يحضرون بأنفسهم وحضر الرئيس السادات ثلاث مرات إلى ميدان الرماية بنفسه بالأفارول، وكان ونعم القائد ما كان أحد يطلب منه طلبًا إلا ونفذه له، وتم تغير طاقمي بعد حدوث مشكلة بين أفراد طاقم دبابة أخرى، فطلب مني قائد الكتيبة أن أذهب لتلك الفصيلة وأكون معها، وقال لى (أنت الل هتقدر تمشى الفصيله دي).
وتدربنا عقب ذلك على العبور وعبرنا بالفعل مرتين، وأخطرنا بموعد الحرب قبل موعدها بربع ساعة فى الساعة الثانية بالظبط، وجدنا قائد الكتيبة يجمعنا ويبلغنا المعلومات فى الثانية والربع كان كل فرد فى حفرته البرميلية، وجدنا الطيران المصري من فوقنا وسط صيحات الله أكبر الله أكبر، وبدأ توالي البيانات فزدنا إصرارا وقوة، وارتفعت روحنا المعنوية، والجميع يريد الدخول في القتال، وبدأ العبور بعد مرور ربع ساعة من هجوم الطيران واستمرت المعركة، وكنا جاهزين وكانت مهمتنا هي تطوير الهجوم من قبل حدوث الثغرة بأسبوع.
ويوم 18 أكتوبر كنا نعتقد أننا سنحول إلى القناه للعبور للمنطقة الشرقية، وإذ بنا نتحول إلى منطقة الدفرسوار، لم نكن نعلم بدخول شارون وكانت المعلومات التى تصلنا أنهم 5 أو 6 دبابات فقط للعدو، ولكن عرفنا بالثغرة بعد أن ظهرت الخسائر، ولم نكن نعرف أنه شارون إلا بعد أن قومنا بسد الثغرة وأنه لواء ويقود اللواء الإسرائيلي وكان يستتر فى جناين أبوسلطان، كانت مهمتنا سد الثغرة، وخاصة السرية الثالثة، ووصلنا الثغرة وكانت هناك استراحة لعثمان أحمد عثمان كان يوجد بها الوزير ولم أعلم ذلك إلا بعد العمليات، وقالوا لنا إن العدو أمامكم وسنقوم بالهجوم عليه صباحا، وعند أول ضوء في اليوم الجديد عدلنا أماكننا وجهزت دبابتي تجهيزا هندسيا وقمت بإخفائها حتى لا تظهر والبرج فقط يتحرك وفي الحاديه عشرة تقدم إلينا العدو بكميات مهولة من المدرعات وغيرها، واشتبكنا معهم، وضربنا بشده لمدة ساعتين، وأصيبت دبابتى في التنكات والعدد الاحتياطية وجهاز الإشاعة تحت الحمراء والجنزير مقطوع، واستمريت في الضرب وتمكنا من تدمير 19 دبابة للعدو.
ما هو عدد الدبابات التى دمرتها؟
الاستطلاع كان موجودا عندما حضر الوزير والفريق الشاذلى منهم من قال 16 والآخر 17 وآخر 18 وآخر 19 دبابة.
فنيا ضربى لكل هذه الدبابات أعتقد أنها معجزه من الله؛ لأن دبابة بمواجهة دبابة قمت بالضرب على مسافة 2 كيلو و200 متر وآخر الطلقات كنت أقوم بضربها بالاشتباك الأعمى وهذا فى المسافات القريبة.
القناص عبد العال
يقول الرقيب إبراهيم عبدالعال، أحد قناصة الدبابات بالمعركة، إنه وأفراد كتيبته نجحوا فى تدمير نحو 140 دبابة إسرائيلية، لافتاً إلى أنهم كانوا يتنافسون فيما بينهم على تسجيل أعلى نسبة خسائر فى صفوف العدو الإسرائيلى، مشيراً إلى أنه حصل على المركز الثانى بتدمير 18 دبابة ومدرعتين، فى حين دمر البطل المرحوم محمد عبدالعاطى 23 دبابة.
ويلفت «عبدالعال» إلى أن أبطال كتيبته دمروا أعداداً كبيرة من الدبابات؛ فمنهم من دمر 17 دبابة، وآخر 12 دبابة، ومقاتل ثالث 10 دبابات، مضيفاً أنه انضم برفقة زملائه بالكتيبة إلى جبهة القتال عام 1969، وكانوا داخل أفراد مجموعة كانت تُسمى «الملوتا»، وهى كلمة روسية، تعنى «الفهد» باللغة العربية، وكانت تقوم على استخدام الصواريخ، لافتاً إلى أن تدريباتهم كانت تجرى على عربة إلكترونية، وأنه كان يتم تصوير المعركة ومدى الصاروخ.
ويلفت «قنّاص الدبابات» إلى أنه لم يكن يحصل أحد على الدرجة النهائية فى التدريب، إلا جندى روسى تدرب عليها لمدة 6 أشهر، لافتاً إلى أنه وصائد الدبابات الراحل محمد عبدالعاطى، حصلوا على 9 من 10 فى أول فترات التدريب، ثم حصلوا على الدرجة النهائية بعد شهرين من التدريب فقط، وتفوقوا على المقاتل الروسى.
«الشاذلى» قال: «المقاتل اللى هيدمر 4 دبابات هنعمل له تمثال فى ميدان رمسيس»
ويشير إلى أنه كان «حكمدار المجموعة»، والذى تعتمد عليه خلال المعارك الحربية، لافتاً إلى أنه وزملاءه تدربوا على استخدام الصواريخ، ثم على خطة العبور فى ترعة الإسماعيلية، ثم جرى «مشروع استراتيجى» عام 1971، موضحاً أن توقفه أصاب الجنود بالإحباط وقتها لأنهم كانوا جميعهم يتطلعون للحرب، والأخذ بالثأر، واستعادة الأرض المغتصبة من العدو حينها.
وتابع: «كل مشروع استراتيجى كان يجدد الأمل فى نفوس مقاتلى الفهد، ولكنهم كانوا يصابون بالحزن بعد كل مرة يتوقف فيها القتال، وفى يوم 5 أكتوبر 1973، جاءتنا أنباء عن احتمالية وجود تدريب، وكنا نقول إحنا شبعنا تدريب.. إمتى هنحارب، وكنا ننظر إلى الجبهة الشرقية من قناة السويس، لنجد الجانب الإسرائيلى فى حالة استرخاء، وينزلون للمياه للاستحمام والسباحة»، ويضيف: «مع اقتراب الساعة من الثانية عشرة ظهراً يوم 6 أكتوبر، علمنا أن هناك معركة، ولم نكن نصدق أن هناك قتالاً هذه المرة، وكنا جميعاً نتمنى أن تكون حقيقة ونتمنى أن ننال الشهادة فى سبيل الله والوطن».
وأوضح «قناص الدبابات» أن إخبارهم بقرار الحرب كان كفيلاً برفع الروح المعنوية لجميع الجنود سواء فى كتيبته أو الكتائب الأخرى، وفور مشاهدتنا لعبور 225 طائرة من فوقنا فى اتجاه العدو بتمام الساعة الثانية ظهراً، صِحنا قائلين: «الله أكبر»، فالضربة الجوية أثرت فى نفوسنا جميعاً، ومهدت للنصر، بل إنها تعد من أهم عوامل الانتصار فى حرب السادس من أكتوبر.
ويشير إلى وجود 3 عوامل أثرت فى نفسية الجنود المشاركين بالحرب، وأولها كانت الإحساس القاسى بهزيمة عام 1967، وثانيها عبور قناة السويس، والنقاط الـ36 الحصينة الموجودة على طول الساتر الترابى لـ«خط بارليف»، ولكن ارتفاع الروح المعنوية للجنود، والتخطيط الجيد للمعركة قادنا للنصر.
ولفت إلى أن العدو الإسرائيلى كان يشن حرباً نفسية على قواتنا المسلحة، إلا أن جنودنا لم يكونوا يشعرون بالتعب أو الصيام أو الوقت، بل إن خسائرنا فى العبور كانت أقل بكثير عن تقديرات العدو بوفاة 30 ألف فرد من جنودنا فى الموجة الأولى من العبور، وتابع: «وفى الكتيبة التى كنت موجوداً بها مثلاً، استشهد تقريباً فرد واحد فقط».
وتذكر «عبدالعال» مقولة الفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقت الحرب، واللواء سعيد الماحى، حين قالا لهم إننا سننال تقديراً كبيراً حال تدميرنا أعداداً ضخمة من الدبابات، مضيفاً: «قالوا لنا إن المقاتل اللى هيدمر 4 دبابات سيُقام له تمثال فى ميدان رمسيس»، وتابع أن ذلك كان تحفيزاً، فلم نكن نبغى تماثيلَ أو تخليداً، ولكن أردنا استعادة كرامتنا وأرضنا وعرضنا، لأن تلك الكرامة سُلبت منا فى غفلة، لكننا نجحنا فى استردادها فى معركة قتالية شهد فيها العالم كله للجيش المصرى.
وأشار إلى أنه نجح فى تدمير 6 دبابات فى نصف ساعة فقط يوم 6 أكتوبر، وبعد ذلك دمر 18 دبابة وعربتين مصفحتين «فى المعركة الصينية»، موضحاً: «أخذنى المشير محمد حسين طنطاوى، وكان برتبة مقدم وقتها، وقدمنى للرئيس الراحل محمد أنور السادات لأحصل على تكريم مهم وهو وسام الجمهورية العسكرى من الطبقة الأولى»، لافتا إلى أنه لا ينسى كيف كان ينظر إلى الصاروخ الذى كانوا يطلقونه ليخترق الدبابة الإسرائيلية M60، حينها، والتى كانت تعد أحدث دبابة فى العالم، مشدداً على أنه لا ينسى مشهد تدمير الدبابات الإسرائيلية، ولا لحظات النصر على عدو كان يتفوق عينا فى كل المعدات الحربية، إنها لحظات لا يمكن لجيلى أن ينساها أبداً.