درجة حرارتها تصل لـ 65 درجة .. إنتبه لخطر الإختناق في السياراة
الموجز
حذر مختصون في مجالي طب الأطفال والفلك، من خطورة نسيان الأطفال داخل المركبات المغلقة، خصوصاً خلال أشهر الصيف، إذ قد تتجاوز درجة الحرارة داخل المركبة المغلقة المعرضة لأشعة الشمس المباشرة 65 درجة، نتيجة الاحتباس الحراري خلال فترة الظهيرة، الأمر الذي يؤدي إلى وفاة الأطفال أو تضرر أجهزتهم التنفسية والعصبية في حال كانوا موجودين في داخلها.
ونبهوا إلى خطورة ترك طفل بمفرده داخل مركبة مغلقة، لأن جسمه يسخن ثلاث إلى خمس مرات أسرع من جسم الشخص البالغ، وعندما يُترك في سيارة ساخنة تبدأ أعضاؤه الرئيسة في التوقف عن العمل.
ورصدت حوادث جسيمة وقعت خلال السنوات الماضية، ترك فيها أهال أطفالهم بمفردهم داخل مركبات مغلقة، للتسوق أو سهواً، وبعضهم نسي موقع المركبة التي ترك طفله في داخلها، فضلاً عن نسيان طلبة في مراحل دراسية صغرى داخل حافلات مدرسية، ما تسبب في وفاة بعضهم نتيجة الاختناق وارتفاع درجات الحرارة.
وأظهرت الحوادث أن أعمار الضحايا لا تزيد على أربع سنوات، وفي بعض الحالات ترك أهال أطفالهم عمداً بمفردهم داخل المركبات، لقضاء بعض الحاجات، ما عرضهم لخطر الاختناق. وفي حوادث أخرى، كان نسيان الطفل داخل المركبة، وعدم تأمينها جيداً، سبباً في احتجازه بمفرده داخلها.
وقال رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للفلك، إبراهيم الجروان، إنه مع ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف تظهر العديد من المتلازمات والسلوكيات المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة وارتفاع الرطوبة في المناطق الساحلية، خاصة مع تكرر موجات الحر التي تتناوب خلال أشهر الصيف الثلاثة - يونيو، يوليو، أغسطس - وهي ارتفاع درجات الحرارة بمقدار أربع درجات مئوية على الأقل فوق معدلاتها الطبيعية في منطقة معينة، والمعدلات الطبيعية لهذه الأشهر في المناطق الداخلية بالعمق الصحراوي بين 44 و45 درجة مئوية، أما المناطق القريبة من السواحل فتكون بين 40 و42 درجة مئوية، علماً بأن درجة الحرارة تقاس في منطقة مظللة عن الشمس المباشرة ومكشوفة للهواء الطلق وعلى ارتفاع بين 1.5 إلى مترين عن سطح الأرض، تلافياً لتأثير حرارة سطح الأرض.
وأوضح أنه «من المظاهر السلبية المرتبطة بهذه الفترة، عدم أخذ الاحتياطات الخاصة بها، فقد نتجت عن ذلك زيادة حالات الغرق في أحواض السباحة المنزلية وفي البحر».
وأكد حالات الاحتباس الحراري داخل المركبات المغلقة المعرضة لأشعة الشمس المباشرة خلال فترة الظهيرة، حيث قد ترتفع درجة الحرارة داخل المركبات لتتجاوز 65، فيما تبلغ درجة الحرارة الخارجية 40 درجة، ما يشكل خطورة على الموجودين داخل المركبات، خصوصاً الأطفال.
أما بالنسبة للمتلازمات الصحية المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة، فمنها «الطفح الحراري»، وهو طفح والتهابات تظهر على الجلد نتيجة تعرض الجلد لكميات عالية من الأشعة فوق البنفسجية، خاصة خلال فترة الظهيرة بين الساعة 11 و3 نهاراً، و«التقلصات أو التشنجات الحرارية» وهي تشنجات عضلية تحصل نتيجة نقص السوائل والأملاح في الجسم، إضافة إلى «الإنهاك أو الإجهاد الحراري»، خاصة عند الرطوبة العالية، وتعد «ضربة الشمس» أشدها خطراً، خاصة إذا ارتفعت درجة حرارة الجسم عن 40 درجة مئوية، إذ يؤدي ذلك إلى الإغماء وتعطل عمل بعض الوظائف الحيوية في الجسم أحياناً، علماً بأن الجهات المختصة في الدولة راعت ذلك بمنع الأعمال الميدانية البدنية تحت الشمس المباشرة أثناء فترة الظهيرة خلال الصيف.
من جانبها، قالت استشارية طب أعصاب الأطفال في مدينة برجيل الطبية، الدكتورة لمياء ناصر الصبيحي، إن هناك شكلين من ضربات الشمس التي تحدث خلال ارتفاع درجات الحرارة، حيث تحدث ضربة الشمس الناتجة عن الإجهاد (EHS) بشكل عام عند الشباب الذين يمارسون نشاطاً بدنياً لفترة طويلة في بيئة حارة، فيما تؤثر ضربة الشمس الكلاسيكية غير المجهدة (NEHS) بشكل أكثر شيوعاً في كبار السن والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة وصغار السن.
وأوضحت الصبيحي أن ضربة NEHS الكلاسيكية تحدث أثناء موجات الحرارة البيئية، وتشمل الأعراض تقلصات البطن والعضلات والغثيان والقيء والإسهال والصداع والدوخة وضيق التنفس والضعف، وعادةً ما تسبق هذه الأعراض ضربة الشمس، كما تتم ملاحظة الإغماء وفقدان الوعي بشكل شائع قبل تطور فرط الحساسية الكهرومغناطيسية، ويرتبط كلا النوعين من ضربة الشمس بارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات، خاصة عند تأخير العلاج بالتبريد.
ونبهت إلى أن الإجهاد الحراري الناجم عن جلوس الأطفال في المركبات خلال الحرارة العالية، يعتبر من أسباب وفاة الأطفال التي يمكننا تجنبها والوقاية منها، موضحة أن الحرارة داخل المركبة المغلقة دون تشغيل، ترتفع سريعاً أول 30 دقيقة بنسبة 80%، ويكون الأطفال أقل قدرة على التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة، وهم أكثر عرضة للأمراض المرتبطة بالحرارة من البالغين، كما أنهم أقل قدرة على توليد استجابات فسيولوجية كافية للحرارة.
وقالت إن العوامل التي تجعل الأطفال أكثر عرضة لارتفاع الحرارة هي زيادة إنتاج الحرارة، وانخفاض حجم الدم لإزالة الحرارة، وانخفاض معدلات العرق، فيما يمكن الحفاظ على درجة حرارة الجسم ثابتة عن طريق موازنة اكتساب الحرارة مع فقدان الحرارة، حيث تقوم خلايا الاستشعار الحرارية الموجودة في الجلد والعضلات والحبل الشوكي بإرسال معلومات تتعلق بدرجة حرارة الجسم الأساسية إلى منطقة ما تحت المهاد الأمامي في الدماغ، حيث تتم معالجة المعلومات، ويتم إنشاء الاستجابات الفسيولوجية المناسبة.
وشرحت أنه «عندما تكتسب الحرارة أكثر من فقدانها، ترتفع درجة حرارة الجسم، ما يؤدي إلى ضربة الشمس، وتعمل الحرارة المفرطة على تحويل بروتينات الجسم وتسييل البروتينات والدهون الغشائية، ما يسبب انهيار القلب والأوعية الدموية، وفشل العديد من الأعضاء، وفي النهاية، الموت»، مشيرة إلى أن «درجات الحرارة التي تتجاوز 41.1 درجة مئوية تعتبر بشكل عام كارثية، وتتطلب علاجاً قوياً وفورياً».
وأكدت أهمية تثقيف المجتمع في هذا الصدد، إذ يعد الأداة الأكثر أهمية للوقاية من ضربة الشمس داخل المركبات، حيث يمكن لوسائل الإعلام والتعليم العام في المدارس وبرامج الصحة العامة أن تلعب دوراً في زيادة وعي الجمهور بمخاطر الحرارة أثناء موجات الحر، كما يمكن الوقاية من مخاطر ضربة الشمس من خلال رفع مستوى الوعي وتثقيف الآباء ومقدمي الرعاية، إضافة إلى ذلك قد تكون الرسائل التكنولوجية التي يمكن استخدامها لتذكير الأطفال ضرورية لتقليل عدد الأطفال المتأثرين، فتكون بشكل جذاب وعناصر صورة غير نمطية ولافتة لهم.
وقدمت الدكتورة لمياء نصائح مهمة يجب اتباعها لتلافي خطر نسيان الأطفال في المركبات، أهمها فحص السيارة قبل إغلاقها، وتثقيف السائقين حول ضرورة فحص السيارة بشكل روتيني، وجعلها قاعدة مطلقة بعدم ترك أي طفل بمفرده في السيارة لأي فترة من الوقت حتى لو كانت دقيقة، حيث يمكن للوالدين أن ينسوه، ويبقون لفترة أطول في أي من المحال التجارية أو السوبرماركت أو غيرها خارج السيارة، لافتة إلى أن «الغمر في الماء البارد يعد طريقة التبريد المثالية لضربة الشمس، إضافة إلى الترطيب الداخلي، ويكون عن طريق شرب الماء بكثرة والسوائل التي تحفظ رطوبة الجسم وتقيه الجفاف».
وحذر استشاري أمراض الجهاز التنفسي والرئة للأطفال في مدينة برجيل الطبية بأبوظبي، الدكتور غُلام مُجتبى، من خطورة ترك الطفل في بيئة شديدة الحرارة، وخاصة في السيارة، لما له من عواقب تهدد حياتهم، بسبب التأثير الخطر في التنفس وصحتهم بشكل عام، «حيث تتضمن تأثيرات الإجهاد الحراري التي يتعرض لها الطفل نتيجة الشمس أمور عدة، منها فرط الحرارة: حيث ترتفع درجة حرارة الجسم الأساسية بسرعة في ظل الجلوس في بيئة حارة، فالأطفال أكثر عرضة للإصابة بسبب صغر حجم الجسم وتنظيم درجة الحرارة الأقل كفاءة».
وذكر مُجتبى أنه بحسب الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، فإن جسم الطفل يسخن ثلاث إلى خمس مرات أسرع من جسم الشخص البالغ، وعندما يُترك في سيارة ساخنة تبدأ أعضاؤه الرئيسة في التوقف عن العمل، عندما ترتفع درجة حرارته إلى 40 درجة مئوية، ثانياً، زيادة معدل التنفس، ويحدث عندما يحاول الجسم أن يبرد، يمكن أن يزداد التنفس، في هذه اللحظات تحاول رئتا الطفل ودماغه وأعضاؤه الأخرى التغلب على هذه الحالة الصحية الطارئة، وثالثاً، الجفاف إذ يؤدي التعرض لفترات طويلة لدرجات الحرارة المرتفعة يؤدي إلى فقدان كمية كبيرة من السوائل من خلال التعرق، ما قد يؤدي إلى الجفاف الذي يسهم في ضعف نقل الأكسجين إلى الأعضاء الحيوية.
ويشير مُجتبى إلى عدد من العواقب التي تصيب الجهاز التنفسي جراء ترك الأطفال في المركبات في ظل ارتفاع درجات الحرارة منها، «التأثير في أنماط التنفس وكفاءته، والوذمة الرئوية، ويمكن أن يؤدي ارتفاع الحرارة الشديد إلى تلف الأوعية الدموية الصغيرة في الرئتين، ما يؤدي إلى زيادة النفاذية، ومن المحتمل أن تسبب وذمة رئوية، وهي تراكم السوائل في الرئتين، وهذا أيضاً يجعل التنفس صعباً وأقل فعالية، كما أن نقص الأكسجين يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات حرارة الجسم، وإلى تعطيل عملية التمثيل الغذائي في خلايانا، ما يؤدي إلى نقص الأكسجة، حيث تتلقى الأنسجة بما في ذلك تلك الموجودة في الجهاز التنفسي كمية كافية من الأكسجين، وهذا يمكن أن يزيد من تفاقم وصعوبة التنفس».
وأضاف: «هناك تأثيرات سلبية أخرى تصيب بقية أعضاء الأطفال، منها الأضرار العصبية، حيث يمكن أن يتضرر مركز التنظيم الحراري في الدماغ بسبب الحرارة الشديدة، ما يؤثر في قدرة الطفل على التحكم في تنفسه، إجهاد القلب والأوعية الدموية، ويزيد الإجهاد الحراري من معدل ضربات القلب وضغط الدم، ما قد يؤدي إلى إجهاد القلب ونظام عمل القلب والأوعية الدموية، وتؤثر بشكل غير مباشر في وظيفة الجهاز التنفسي، فيما توجد عواقب طويلة المدى من ترك الأطفال في الحرارة المرتفعة، حيث يمكن أن تسبب النوبات الشديدة من ارتفاع الحرارة والجفاف ضرراً دائماً للجهاز التنفسي والأعضاء الأخرى».
وأكد مُجتبى أن التدخل الطبي الفوري في حالات الطوارئ في مثل هذه الحالات أمر مهم وضروري، حيث يعتبر عامل الوقت والإسعاف عاملاً مهماً لإنقاذ حياة طفل أو غيره، ويجب أن يكون الأفراد على وعي كامل بالتعامل مع مثل هذه الحالات والاتصال بالشرطة، موضحاً أن العلاج الطبي في هذه الحالات يتضمن تدابير التبريد، والمقصود بها قيام الفريق الطبي المعالج باستخدام تقنيات التبريد السريع لخفض درجة حرارة الجسم، والترطيب عبر وضع السوائل الوريدية لمكافحة الجفاف، العلاج بالأكسجين لمعالجة نقص الأكسجة ودعم الجهاز التنفسي.
وشدد على ضرورة انتباه الأهالي إلى أن ترك الطفل في بيئة شديدة الحرارة يمكن أن يؤدي إلى صعوبة شديدة في التنفس وتضرر الأعضاء الحيوية في الجسم، وهنا تبقى العناية الطبية الفورية ضرورية للتخفيف من هذه المخاطر والوقاية منها.
«مسؤولية جماعية»
أطلقت وزارة الداخلية وإدارات الشرطة في الدولة، حملات توعية عدة، حذرتا خلالها من خطورة ترك الأطفال بمفردهم داخل المركبات، مؤكدتين أن رعاية الأطفال والاهتمام بهم مسؤولية جماعية، وهي من أولويات الآباء والأمهات، إذ يجب عليهم عدم التهاون في مثل هذا الأمر، لتجنب تعرّض الأبناء للحوادث.
ونصحوا بعدم ترك الأطفال بمفردهم داخل المركبات، في جميع الحالات، وإن كان المكيف يعمل، كونه ليس آمناً، كما يمكن أن يحاول الطفل العبث بالمركبة، لذا ينصح بأخذ الأطفال من المركبة أثناء التوقف، ولو كان ذلك لدقائق معدودة.
ونبهوا إلى أن الأطفال لا يستشعرون عادةً بالمخاطر التي تحيط بهم، نتيجة قلّة إدراكهم، وبالتالي يتوجّب على أولياء الأمور حماية أطفالهم من جميع أنواع المخاطر، ويعتبر دور الأسرة حيوياً في هذا الإطار.
وحذروا من أن الحرارة العالية تعمل على زيادة ضغط الأكسجين داخل المقصورة، ما يسهم في تبخر الغازات السامة من المقاعد والمحتويات الداخلية للسيارة المصنوعة من البلاستيك والجلد والإسفنج، وبالتالي اختناق الأطفال.