«زلزال المغرب لا مثيل له منذ 120 عامًا» تحت الأنقاض.. إلى متى يصمد الناجون
قالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، الجمعة، إنه تم تسجيل زلزال بقوة 6.8 درجة جنوب غرب مدينة مراكش في المغرب، وأضافت الهيئة الأمريكية أن الزلزال كان على عمق 18.5 كيلومترا.
وذكرت هيئة المسح أنه "أقوى زلزال يضرب هذا الجزء من الدولة الواقعة في شمال إفريقيا منذ أكثر من 120 عاما"، فيما أفاد التلفزيون الرسمي بانهيار عدة مبان بالقرب من مركز الزلزال.
ووفقا للهيئة الأمريكية فإن "الزلازل بهذا الحجم في المنطقة غير شائعة، فمنذ عام 1900، لم تكن هناك زلازل بهذه القوة"، وقالت الهيئة إنه "من المحتمل أن تكون الكارثة واسعة النطاق"، مشيرة إلى أن العديد من الأشخاص في المنطقة يقيمون في مبان "معرضة بشدة للاهتزازات الزلزالية".
وأظهرت القناة الأولى التي تديرها الدولة عدة مبانٍ انهارت بالقرب من مركز الزلزال، وأضافت أن آلاف الأشخاص فروا من منازلهم ومبانيهم السكنية بعد أن حذر المعهد الوطني للجيوفيزياء في البلاد من هزات ارتدادية.
وذكر المعهد أن الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز جنوب غرب المغرب كان على عمق حوالي 8 كيلومترات يوم الجمعة الساعة 11:11 مساء وفقا للتوقيت المحلي.
وفي مراكش، انهارت بعض المنازل في المدينة القديمة المزدحمة، وكان الناس ينقلون الأنقاض بأيديهم بينما كانوا ينتظرون المعدات الثقيلة، حسبما قال أحد السكان المحليين، عيد عزيز حسن، لوكالة "رويترز" للأنباء.
وقال إبراهيم هيمي، وهو ساكن آخر في مراكش، لـ"رويترز" إنه رأى سيارات إسعاف تخرج من البلدة القديمة وإن العديد من واجهات المباني تضررت، وأضاف أن الناس كانوا خائفين ويبقون في الخارج تحسبا لوقوع زلزال آخر.
وذكرت "رويترز" نقلا عن شهود عيان أن سكان العاصمة الرباط، على بعد نحو 350 كيلومترا شمال جبال الأطلس الكبير، شعروا بالهزة أيضا.
وحسبما ذكرت قناة 2M، لقي عدد من الأشخاص حتفهم جراء زلزال.
العالقون تحت الأنقاض.. إلى متى يصمد الناجون بعد وقوع زلزال
تتركز جهود فرق الانقاذ على الإسراع في الوصول الى المصابين والعالقين تحت الانقاص لإنقاذ حياتهم عند وقوع الزلازل.
ويقول الخبراء إن عوامل مختلفة تؤثر على مدة بقاء الإنسان على قيد الحياة. ويشمل ذلك وضعية الإنسان عند حدوث الانهيار، ومدى توافر الهواء والماء، والظروف الجوية، ومستوى لياقته البدنية والذهنية.
وتحدث معظم عمليات الإنقاذ في غضون 24 ساعة من وقوع الكارثة، ولكن توجد حالات لإنقاذ البعض من تحت الأنقاض بعد وقت أطول بكثير.
وعادة ما تلغي الأمم المتحدة جهود البحث ومحاولات الإنقاذ بعد ما بين خمسة وسبعة أيام من وقوع الكارثة. ويُتخذ هذا القرار بعد تعذر إخراج أي شخص عالق وسط الأنقاض لمدة يوم أو يومين.
إذن ما هي العوامل التي يمكن أن تبقي العالقين على قيد الحياة؟
الوعي والاستعداد
على الرغم من أنه ليس من السهل التنبؤ بوقوع زلزال أو انهيار مفاجئ لمبنى، يعد الوضع الذي تتخذه في حالة الطوارئ مفتاح النجاة، كما يقول الخبراء.
ويمكن أن يوفر مكان الشخص، إذا اختير بالصورة المناسبة، حماية جسدية تحت الحطام ويساعد في الوصول إلى الهواء.
ويقول مراد هارون أونغورن، المنسق في جمعية البحث والإنقاذ التركية، وهي أكبر جمعية إغاثة غير حكومية في تركيا، إن بعض الإجراءات يمكن أن تعزز الفرص في البقاء على قيد الحياة وتوفر منفذ هواء.
وتشمل هذه الإجراءات اتخاذ ساتر تحت طاولة، على سبيل المثال، والحفاظ على ذلك حتى توقف الهزة الأرضية.
وأضاف قائلا: "التعليم والتدريب والتوعية بشأن تدابير الطوارئ (قبل وقوع كارثة مثل الزلزال) أمر مهم وغالبا ما يتم تجاهله".
وتحدد هذه الإجراءات الفترة المتوقعة للبقاء حيا تحت الأنقاض.
كما أكدت الدكتورة جيتري ريغمي، المسؤولة الفنية في برنامج الطوارئ الصحية العالمية التابع لمنظمة الصحة العالمية، على أهمية التأهب.
وتقول: "الاختباء في مكان آمن مثل تحت مكتب أو طاولة متينة من شأنه أن يحسن فرص البقاء على قيد الحياة. لا يوجد شيء مؤكد لأن كل حالة طوارئ مختلفة، لكن جهود البحث والإنقاذ الأولية تعتمد على قدرات التأهب لدى المجتمعات المحلية".
الحصول على الماء والهواء
الهواء والماء أمران أساسيان للبقاء على قيد الحياة عندما يحاصر الشخص تحت مبنى منهار. لكن هذا يعتمد على مستوى الإصابات، ففقدان الدم يقلل من احتمال البقاء حيا أكثر من 24 ساعة.
لذلك إذا لم يكن الشخص مصابا بجروح خطيرة ولديه هواء يتنفسه، في صورة جيب هوائي في مساحة كافية، فإن الشيء التالي هو الحفاظ على ألا يصاب بالجفاف، كما يقول الخبراء.
وقال البروفيسور ريتشارد إدوارد مون، خبير العناية المركزة من جامعة ديوك في الولايات المتحدة، إن "نقص الماء والأكسجين من القضايا الحاسمة للبقاء على قيد الحياة".
وقال مون "كل شخص بالغ يفقد ما يصل إلى 1.2 لتر من الماء كل يوم".
وأضاف "هذا هو البول والزفير والعرق. عندما يفقد الشخص ثمانية لترات أو أكثر يصبح مريضا بشكل خطير."
وتشير بعض التقديرات إلى أن الناس قد يعيشوا بدون ماء لمدة تتراوح بين ثلاثة وسبعة أيام.
درجة الإصابة
إذا تعرض الشخص لصدمة في الرأس أو إصابات خطيرة أخرى ولديه مساحة محدودة للتنفس، فهناك فرصة ضئيلة للبقاء على قيد الحياة في اليوم التالي للكارثة.
وتعتبر القدرة على تقييم درجة الإصابة أمرا بالغ الأهمية، وفقًا لريغمي.
وتقول: "قد لا ينجو الأشخاص المصابون بإصابات في العمود الفقري أو الرأس أو الصدر حتى يتم نقلهم إلى مرافق الحالات الحرجة".
ويزيد فقدان الدم أو الكسور من احتمال الوفاة. وتقول ريغمي إن توفير الرعاية بعد الإنقاذ مهم أيضا.
وأضافت: "حتى أولئك الذين أنقذوا من تحت الأنقاض يمكن أن يموتوا بسبب ’متلازمة السحق‘". ويحدث هذا بشكل شائع في الكوارث مثل الزلازل، للأفراد الذين حوصروا تحت الأنقاض، إذ تتضرر العضلات بسبب ضغط الأنقاض وتنتج السموم، وفقًا لمسؤول فني في منظمة الصحة العالمية.
وبمجرد إزالة الأنقاض ينتشر السم في الجسم مع تداعيات خطيرة على الصحة.
المناخ والظروف الجوية
يحدد المناخ في المنطقة مدة البقاء على قيد الحياة.
ويقول مون إن ظروف الشتاء قد تجعل الوضع أسوأ بكثير.
ويضيف: "يستطيع البالغ العادي تحمل درجات حرارة تصل إلى 21 درجة مئوية دون أن يفقد الجسم قدرته على الاحتفاظ بالحرارة. ولكن عندما يكون الجو أكثر برودة، فإن الأمر مختلف".
في هذه المرحلة، تتبع درجة حرارة الجسم درجة الحرارة المحيطة.
ويقول اختصاصي العناية المركزة: "السرعة التي يحدث بها انخفاض حرارة الجسم ستعتمد على مدى عزلة الشخص، أو مقدار المأوى الذي يتمتع به. ولكن في نهاية المطاف، سيصاب العديد من الأشخاص الأقل حظًا بانخفاض حرارة الجسم في ظل هذه الظروف".
وفي الصيف على العكس من ذلك، إذا كانت المنطقة المغلقة شديدة الحرارة، فقد يفقد الشخص الماء بسرعة كبيرة مما قد يضعف فرصهم في البقاء على قيد الحياة.
القوة العقلية والنفسية
من العوامل التي غالبًا ما يتم التقليل من شأنها، وفقا للخبراء، الثبات النفسي والتحكم العقلي.
ويقول الخبراء إن الحفاظ على الإرادة النفسية والعقلية المركزة على البقاء قد يكون أمرًا حاسمًا للبقاء على قيد الحياة.
ويقول خبير الإنقاذ أونغورين: "الخوف هو رد فعلنا الطبيعي، لكن لا يجب أن نشعر بالذعر. نحن بحاجة إلى أن نكون أقوياء نفسيا حتى نتمكن من البقاء على قيد الحياة".
وهذا يتطلب العزيمة.
ويضيف: "من المهم محاولة التهرب من الشعور بالخوف والسيطرة على نفسك. قل لنفسك: حسنًا، أنا هنا الآن، أحتاج إلى إيجاد طريقة للبقاء على قيد الحياة. يجب أن يكون هذا هو الدافع. سيؤدي ذلك إلى تقليل الصراخ والحركة الجسدية. ستحتاج إلى توفير طاقتك من خلال التحكم في حواسك والذعر ".
قصص رائعة
في عام 1995، بعد زلزال ضرب كوريا الجنوبية، انتشل رجل من تحت الأنقاض بعد 10 أيام. وقال إنه نجا بفضل شرب مياه الأمطار وأكل صندوق من الورق المقوى. كما أنه عمد لعبة أطفال ليحافظ على نشاطه الذهني.
في مايو 2013، انتشلت امرأة من أنقاض مصنع في بنغلاديش، بعد 17 يومًا من انهياره.
وقالت بعد إنقاذها "سمعت أصوات عمال الإنقاذ لعدة أيام. ظللت أضرب الحطام بالعصي والقضبان للفت انتباههم. لم يسمعني أحد".
وأضافت "أكلت طعامًا جافًا لمدة 15 يومًا. ولم يكن لدي سوى الماء في اليومين الأولين".
وفي هايتي، بعد الزلزال الذي وقع في يناير 2010 وأودى بحياة أكثر من 220 ألف شخص، نجا رجل لمدة 12 يومًا تحت أنقاض متجر تعرض للنهب. وفي وقت لاحق، عثر على رجل آخر على قيد الحياة بعد 27 يوما من الأنقاض التي أعقبت الزلزال.
في أكتوبر 2005، بعد شهرين من الزلزال الذي ضرب كشمير في باكستان، أنقذت امرأة تبلغ من العمر 40 عامًا وتُدعى ناكشا بيبي من مطبخها.
وعثر عليها مصابة بتصلب في العضلات وكان وضعها الصحي سيئا للغاية لدرجة أنها بالكاد استطاعت التحدث.
وفي مقابلة مع بي بي سي عام 2005، قالت ابنة عمها: "اعتقدنا في البداية أنها ماتت لكنها فتحت عينيها ونحن نخرجها".