كيف جمع السودانيون مليارات خلال ساعات لمحاربة مخاوف كورونا؟
الموجز
مع تخطي تعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد حاجز المليون، يسعى العالم جاهدا لوقف تفشي الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 59 ألف شخص حول العالم.
وتتسابق دول العالم لإيجاد علاج للوباء الذي تعافى منه أكثر من 230 ألف شخص، كما أنها تحرص على تغيير استراتيجياتها الرامية لوقف تفشي المرض، وذلك بتعديل إجراءاتها الاحترازية وفق المتغيرات.
لم تمر سوى دقائق قليلة فقط على انتهاء رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك من إطلاق حملة البناء والتعمير والتي أطلق عليها اسم "القومة ليك يا وطن" حتى انهالت التبرعات من السودانيين نساء ورجالا وموظفين وعمال أطفال وكبار.
ووصل عدد من تفاعلوا مع الحملة خلال الساعات الأولى من إطلاقها مساء الخميس إلى أكثر من 10 آلاف من المواطنين من داخل وخارج السودان، متبرعين بعشرات المليارات بالعملة المحلية والعملات الأجنبية.
ورغم تصاعد وتيرة الجهود الرسمية والشعبية الرامية للتصدي لفيروس كورونا خلال الساعات الماضية بعد ارتفاع عدد الحالات المؤكدة إلى 10 حالات، إلا أن رصدا أجرته سكاي نيوز عربية لتوجهات اهتمامات السودانيين في وسائط التواصل الاجتماعي خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية أظهر تفاعلا كبيرا مع الحملة.
تحديات كبيرة
وقال حمدوك لدى إطلاقه الحملة إن حكومته تواجه قائمة طويلة من التحديات والمشاكل والعقبات وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية، التي جاءت نتاجا لإرث كالح من الفساد وسوء الإدارة والتبديد والإهدار لموارد الدولة، فضلاً عن آثار عقود طويلة من العزلة الاقتصادية عن العالم نتيجة لسياسات النظام المخلوع. حسبما نشر موقع "سكاي نيوز".
وأشار حمدوك إلى أن ظهور فيروس كورونا أثر بشكل هائل على الاقتصاد العالمي ولن يكون السودان استثناء.
ولخص حمدوك أهداف الحملة في مواجهة القضايا العاجلة إضافة إلى المشاريع الاستراتيجية القومية طويلة الأجل في مجالات الزراعة والصناعة وتطوير الموانئ وتأهيل السكة الحديد والسدود وغيرها.
تبرعات ومطالبات
وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالعديد من القصص التي تعكس تفاعل مختلف فئات الشعب بها.
وتحكي سيدة على صفحتها في فيسبوك أن حمالا في أحد الأسواق رد لها الأجرة طالبا منها ايداعها في حساب المبادرة، وعندما حاولت إقناعه بأخذها وأنها ستتبرع باسمه رفض مجددا طالبا منها بإصرار إضافة أجرته للمبلغ الذي ستودعه باسمه.
كما أظهرت بعض ايصالات الإيداع أن أشخاصا كثيرين قاموا بإيداع مبالغ بأسماء بعضا من شهداء الثورة وآخرين تبرعوا بأسماء آبائهم أو أمهاتهم المتوفين.
وفي الجانب الآخر أظهر بعض الناشطين غضبهم حيال تصرفات الإخوان، التي أوصلت اقتصاد البلاد إلى هذا الوضع المتردي.
وفي هذا السياق اقترح الناشط نزار عبدالله رحمة في تدوينة على صفحته بفيسبوك تخصيص جزء من أموال الحملة لبناء مراكز تأهيل نفسي لإعادة إدماج الإخوان في المجتمع وتعليمهم كيف يكونوا أشخاص صالحين.
كما غرد آخرون تحت وسم "عايزين نبنيهو بالحلال"، أي أننا نريد بناء الوطن بمال الشعب النظيف، مطالبين بعدم قبول أي تبرعات من عناصر النظام السابق باعتبارها "أموال مسروقة من مال الشعب".
ولم يستغرب القيادي في حزب المؤتمر السوداني وقوى الحرية والتغيير، إبراهيم الشيخ، هذا التدافع الضخم من السودانيين بمختلف مناطقهم ومستوياتهم الاقتصادية، حيث يقول إن الثقة في المستقبل والعزيمة العالية على التخلص من أعباء الماضي كلها عوامل تجسدت من خلال هذه الحملة.
ويرى الشيخ أن السودانيين قادرين على تخطي الظرف الاقتصادي الصعب الذي يعيشونه في الوقت الحالي من خلال تضافر الجهود على المستويين الشعبي والحكومي والاستخدام الأمثل للموارد وتوجيهها نحو مشروعات إنتاجية مستدامة ترفع العبء عن كاهل الإنسان السوداني البسيط.
3 دروس
من جانبه، يقول رئيس الحزب الاتحادي الموحد، محمد عصمت، إنه يمكن استخلاص ثلاث دروس مهمة من ملحمة التجاوب الشعبي الكبير مع مبادرة حمدوك، يتمثل الأول في إيمان النسبة الأكبر من أبناء الشعب السوداني بقدرتهم على إحداث التغيير المطلوب وتحقيق مستقبل أفضل لأبنائهم.
أما الدرس الثاني فهو التأكيد على القدرة على هزيمة الثورة المضادة التي يقودها عناصر النظام السابق والتي برزت ملامحها في الأزمات الخانقة التي اختلقوها دون مراعاة لأي قيم إنسانية أو أخلاقية مما جعل الأسر السودانية تعاني من نقص حاد في أبسط الاحتياجات كالخبز والوقود وغيرها من الاحتياجات اليومية. حسبما نشر موقع "سكاي نيوز".
ويتمثل الدرس الثالث من وجهة عصمت في تعزيز روح التعاون والتكاتف والتي ظهرت منذ انطلاق الثورة الشعبية الأخيرة ضد نظام البشير في نهاية 2018.