سعد لا يقبل يدي لأنه أكبر مني لكنني لن أسكت على أن يرفض الوزراء الهلافيت تقبيل يدي .. قصة غضب «الملك فؤاد» من «سعد زغلول»

الموجز

يكشف الكاتب الصحفى مصطفى أمين، فى كتابه «من واحد لعشرة» أن حكومة سعد باشا زغلول أثناء افتتاح البرلمان يوم 15 مارس، 1924 واجهت ثلاث أزمات في هذا اليوم .

أزمة زوجات الوزراء 

الأولى خاصة بزوجات الوزراء، حيث اشترطت الملكة نازلى زوجة الملك فؤاد فى دعوتها بأن يرتدين «اليشمك».. يذكر «أمين» أن أغلبهن فلاحات، أومن بنات الشعب اللاتى لا يعرفن «اليشمك» المكتوب فى الدعوة».. يوضح أنه «عبارة عن قطعة قماش أبيض تلفه السيدة حول رأسها كالعمامة، ويسقط على وجهها فلا تظهر منه إلا العينان، ويثبت بدبابيس بطريقة تخفيها عن العيون..

يؤكد: «أسقط فى يد زوجات الوزراء، وأرسلت «صفية زغلول» زوجة سعد، السيدة «هدية بركات» زوجة الدكتور بهى الدين بركات لتعليم الزوجات طريقة ارتدائه لأن والدها كان فى وقت من الأوقات ناظر الخاصة الملكية، وكان شقيقها «عطا عفيفى بك» تشريفاتى السلطان، وهكذا اكتسبت خبرة ربط اليشمك».

يكشف «أمين»، أن زوجة فتح الله بركات باشا وزير الزراعة رفضت أن تتعلم ربطه، وقالت إنها فلاحة، وتريد أن تعيش وتموت فلاحة، ورفضت حضور الافتتاح، أما حرم نجيب الغرابلى باشا وزير الأوقاف فطلبت من «هدية» أن تربطه لها فى اليوم السابق للافتتاح، وبقيت ساهرة وهو على رأسها إلى أن جاء الموعد فذهبت به.

أزمة «التشريفة الكبرى»

كانت الأزمة الثانية خاصة بالوزراء، ويلخصها «أمين» فى أن التقاليد كانت تقتضى أن يرتدوا «التشريفة الكبرى» وتتكون من بدلة سوداء موشاة بالقصب، تتدلى منها سيوف نحاسية، بالإضافة لوضع الأوسمة والنياشين الممنوحة من الملك، وكان الخياط الإيطالى «ديليه» هو المتخصص فى صنع هذه الملابس، وتولى تعليمهم كيفية ارتدائها، لكنهم نسوا، فارتدى وزير الوشاح بالمقلوب، وعلق آخر السيف إلى يساره بدلا من يمينه، ووضع ثالث الوسام تحت عنقه بدلا من صدره، وأنقذ الموقف الوزراء القدامى حيث اصطحبوا زملائهم الجدد إلى غرفة جانبية وعدلوا لهم ملابسهم.

سكتت لأن سعد باشا لا يقبل يدى لأنه أكبر منى سنا

أما الأزمة الثالثة وهى الأعمق، فجرها الملك فؤاد، حيث لاحظ أن الوزراء محمد سعيد باشا، وتوفيق نسيم باشا وأحمد مظلوم باشا قبلوا يد جلالته، واكتفى باقى الوزراء الوفديين بالانحناء والمصافحة، فتجهم وجه الملك واعتقد أن سعد يقف وراء ذلك، فاستدعي" نسيم باشا" وقال له:"سكتت لأن سعد باشا لا يقبل يدى لأنه أكبر منى سنا، ولأنه يتصور أنه فوق البشر، لكننى لا أسكت على أن يرفض الوزراء الهلافيت تقبيل يدى، إن جميع رؤساء حكومات مصر ووزرائها كانوا يقبلون يدى منذ جلست على العرش، وهؤلاء الوزراء الذين أظهروا قلة الأدب كانوا أفندية وبكوات وجعلتهم باشوات، فهل هذا جزائى؟

نقل «نسيم» غضب الملك إلى سعد، فرد: «لم أصدر للوزراء أمرا بعدم تقبيل يد الملك، ولو سألونى، لقلت لهم: عندما كنت وزيرا فى عهد الخديو عباس(الثانى) لم أقبل يده، وعندما كنت وكيلا للجمعية التشريعية فى عهد السلطان حسين كامل لم أقبل يده، وأنا لا أفرض الكرامة على أحد وهم أحرار فى أن يقبلوا يده، أما إذا كان يريد أن يشترى الوزراء بألقابهم فلا أمانع فى أن يجردهم من هذه الألقاب، ومستعد أن اقترح تقليدا دستوريا بأن يكون الوزراء بلا ألقاب ماداموا أعضاء فى البرلمان.. قل لجلالة الملك: تقبيل الأيدى ليس دليل الإخلاص».

تعليقات القراء