«انفجار بيروت» سلّط الضوء عليه.. «خزان صافر المتهالك» قنبلة موقوتة في اليمن والإقليم.. أكثر من «مليون برميل نفط» عائم في البحر الأحمر تحت سيطرة الحوثيين.. ويهدد بأسوأ كارثة بيئية في العالم

الموجز  

أثار انفجار مرفأ بيروت المروع القلق والخوف من حدوث كارثة مماثلة تهدد ليس فقط ميناء ومدينة الحديدة اليمنية، بل والدول المجاورة، والبيئة والملاحة الدولية في البحر الأحمر، فالحديث هنا يدور حول "خزان صافر".

وناقلة صافر هي خزان نفط عائم به حمولة تُقدر بأكثر من 1.5 مليون برميل من النفط الخام، وتتواجد في ميناء رأس عيسى في الحديدة.

وتتعمد مليشيات الحوثي الانقلابية، والمدعومة من إيران، إلى تحويل الكوارث التي يشهدها اليمن إلى استراتيجيات حرب انتهازية، وأوراق ضغط، تدير من خلالها عملية الصراع الذي تشهده البلاد منذ نحو 6 سنوات.

تحذير عربي

وحذر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، من خطورة وضع السفينة "صافر"، التي تعد خزان نفط عائما قرب السواحل اليمنية الخاضعة للحوثيين، وتحمل مليون برميل من النفط الخام.

وقال أبو الغيط أن كارثة لبنان وما أحدثته من دمار مروع، تذكرنا بخطورة وضع هذا الخزان النفطي العائم قبالة السواحل اليمنية والذي لم تجر له أي صيانة منذ اندلاع الحرب الأهلية هناك في 2015، داعيا مجلس الأمن إلى التدخل بصورة فورية لتمكين فريق الأمم المتحدة من دخول الخزان وإجراء الصيانة المطلوبة.

الكارثة تقترب

وأكد مصدر مسئول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن "السبب الرئيسي في تعطل عمليات الصيانة هو ما يمارسه الحوثيون من تضليل ومراوغة للحيلولة دون دخول الفريق التابع إلى الأمم المتحدة إلى السفينة التي كان مجلس الأمن قد عقد جلسة خاصة لمناقشة أوضاعها منتصف الشهر الماضي".

وحذر المصدر من أن المياه دخلت مؤخرا إلى غرفة محرك الناقلة، ما زاد من مخاطر غرقها أو انفجارها، وبرغم أن عملية إصلاح مؤقتة قد أُجريت لها فقد أكدت الأمم المتحدة أن الأمر يمكن أن ينتهي بكارثة، خاصة فيما يتعلق بالتأثير المدمر لغرق "صافر" أو تعرضها للانفجار، على الحياة البحرية في البحر الأحمر.

ومنتصف الشهر الماضي، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة خاصة لمناقشة أوضاع السفينة التي باتت تمثل خطراً حقيقياً على اليمن، ولم تخرج تحركات عملية حتى الآن.

كما تبادل طرفا الصراع باليمن الاتهامات، حيث تتهم الحكومة الشرعية المليشيات الحوثية بالوقوف وراء هذه المخاطر، داعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى الضغط على الجماعة المسلحة.

تحذيرات دولية

وفي يونيو الماضي، حذر الأمين العام للهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، زياد بن حمزة أبو غرارة، من كارثة بيئية قد تنتج بسبب حدوث تسرب نفطي من ناقلة نفط حدث تآكل في هيكل خزانها ويمنع الحوثيون معاينتها.

وقال أبو غرارة إن وقوع مثل هذا الحادث "سيكون له تأثير كبير، خاصة على الجزر اليمنية الغنية بتنوعها البيولوجي، التي ستكون هي أكبر متضرر؛ مثل جزيرة كمران.

كما حذر السفير البريطاني لدى اليمن، مايكل آرون، في تغريدة عبر حسابه الرسمي على "تويتر" قائلاً إن الناقلة صافر "تحتوي على ما يقارب 150 ألف طن من النفط الخام الذي سيدمر البحر الأحمر وساحله إذا تسرب".

وذكر السفير البريطاني بأن تسرب 20 ألف طن من الوقود تسبب في أضرار بيئية هائلة في سيبيريا ـ روسيا.

وأضاف السفير: "على الحوثيين أن يسمحوا للأمم المتحدة بمعالجة الوضع قبل فوات الأوان".

وفي مايو الماضي، حذرت السفارة الأمريكية في اليمن من وضع الناقلة "صافِر"، قائلة إن حالتها تتدهور وقد ينتج عن ذلك يُحدث تسرباً كارثياً في البحر الأحمر.

وفي يونيو 2019، أبلغ منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، مجلس الأمن الدولي باستمرار الحوثيين في تعطيل وصول فريق تقييم المخاطر إلى خزان "صافر"، رغم أنهم طلبوا المساعدة من الأمم المتحدة وتعهدوا بتسهيل العمل.

كارثة غير مسبوقة

يقول مراقبون إن تآكل خزان ناقلة النفط التي ترسو في ميناء الحديدة دون أي صيانة "يهدد اليمن بكارثة ستدمر البيئة البحرية".

وأشار المراقبون إلى أن هذه الكارثة "سينتج عنها خسائر اقتصادية غير مسبوقة في ظل هشاشة الدولة"، بسبب استمرار الحرب التي اندلعت بسبب الانقلاب الحوثي في أغسطس 2014.

وأشاروا إلى أن أكثر من 100 ألف صياد يمني يعتمدون على مناطق الصيد البحري، وهي مصدر دخلهم الوحيد، التي ستدمر تقريباً في حال حدث هذا التسرب الوشيك.

ولفت المراقبون إلى أن هذه الكارثة تأتي "في ظل رفض الحوثيين وعدم جدية الأمم المتحدة في الضغط عليهم لإفساح المجال لإجراء صيانة عاجلة للناقلة"، مضيفاً: "ما يعني أن أكثر من 100 ألف صياد وأسرهم مهددون، فضلاً عن بقية النتائج الكارثية التي ستطول مخزون الأسماك على طول الشريط الساحلي والشعاب المرجانية".

مخاطر

يقول المراقبون إن خزان صافر يواجه سيناريوهين خطيرين محتملين.

وأوضح المراقبون أن السيناريو الأول هو حدوث انفجار أو تسرب، يؤدي إلى واحدة من أسوأ الكوارث البيئية التي شهدها العالم.
أما السيناريو الثاني فهو حدوث حريق كبير، سيتأثر معه نحو 3 ملايين شخص في الحديدة وكافة مناطق الساحل الغربي، بالغازات السامة.

وأشار المراقبون تقارير المنظمات المعنية بالبيئة التي تقول إن 4 بالمئة من الأراضي الزراعية المنتجة في اليمن ستتغطى بالغيوم الداكنة؛ مما يؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية، إضافة إلى تعليق المنظمات الإنسانية خدماتها الإغاثية، لتنقطع المساعدات عن 7 ملايين شخص من اليمنيين.

كما أن انفجار الخزان أو تسرب النفط منه سيتسبب في فقدان 115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر لتنوعها البيولوجي، وفقدان 126 ألف صياد يمني مصدر دخلهم بمناطق الصيد اليدوي، كما سيتعرض 850 ألف طن من المخزون السمكي الموجود في المياه اليمنية لتهديد النفوق داخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.

بالإضافة إلى ذلك، فإن بقع النفط الخام المتسربة ستؤدي إلى مقتل 969 نوعاً من الأسماك، واختفاء 300 نوع من الشعاب المرجانية، واختناق 139 نوعاً من العوالق الحيوانية التي تعيش في المياه اليمنية.

وتشير التقارير إلى أنه في حال وقوع الكارثة، فإن اليمن سيحتاج إلى 30 عاماً قادمة لمعالجة أضرار التلوث البحري كي تتعافى بيئة البحر الأحمر.

تعليقات القراء